وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وفرع عليه قوله ( فما تغني النذر ) أي جاءهم ما فيه مزدجر فلم يغن ذلك أي لم يحصل فيه الإقلاع عن ضلالهم .
و ( ما ) تحتمل النفي أي لا تغني عنهم النذر بعد ذلك . وهذا تمهيد لقوله ( فتول عنهم ) فالمضارع للحال والاستقبال أي ما هي مغنية ويفيد بالفحوى أن تلك الأنباء لم تغن عنهم فيما مضى بطريق الأحرى لأنه إذا كان ما جاءهم من الأنباء لا يغني عنهم من الانزجار شيئا في الحال والاستقبال فهو لم يغن عنهم فيما مضى إذ لو أغنى عنهم لارتفع اللوم عليهم .
ويحتمل أن تكون ( ما ) استفهامية للإنكار أي ماذا فيد النذر من أمثالهم المكابرين المصرين أي لا غناء لهم في تلك الأنباء ف ( ما ) على هذا في محل نصب على المفعول المطلق ل ( تغن ) وحذف ما أضيف إليه ( ما ) . والتقدير : فأي غناء تغني النذر وهو المخبر بما يسوء فإن الأنباء تتضمن إرسال الرسل من الله منذرين لقومهم فما أغنوهم ولم ينتفعوا بهم ولأن الأنباء فيها الموعظة والتحذير من مثل صنيعهم فيكون .
فالمراد ب ( النذر ) آيات القرآن جعلت كل آية كالنذير : وجمعت على نذر ويجوز أن يكون جمع نذير بمعنى الإنذار اسم مصدر وتقدم عنه قوله تعالى ( هذا نذير من النذر الأولى ) في آخر سورة النجم .
( فتول عنهم ) تفريع على ( فما تغني النذر ) أي أعرض عن مجادلتهم فإنهم لا تفديهم النذر كقوله ( فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ) أي أنك قد بلغت فما أنت بمسؤول عن استجابتهم كما قال تعالى ( فتول عنهم فما أنت بملوم ) . وهذه تسلية للنبي A وتطمين له بأنه ما قصر في أداء الرسالة . ولا تعلق لهذه الآية بأحكام قتالهم إذ لم يكن السياق له ولا حدثت دواعيه يومئذ فلا وجه للقول بأنها منسوخة .
( يوم يدع الداع إلى شيء نكر [ 6 ] خشعا أبصارهم يخرجون من الجداث كأنهم جراد منتشر [ 7 ] مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر [ 8 ] ) استئناف بياني لأن المر بالتولي مؤذن بغضب ووعيد فمن شأنه أن يثير في نفس السامع تساؤلا عن مجمل هذا الوعيد . وهذا الاستئناف وقع معترضا بين جملة ( ولقد جاءهم من الأنباء ) وجملة ( كذبت قبلهم قوم نوح ) .
A E وإذ قد كان المتوعد به شيئا يحصل يوم القيامة قدم الظرف على عامله وهو ( يقول الكافرون هذا يوم عسر ) ليحصل بتقديمه إجمال يفصله بعض التفصيل ما يذكر بعده فإذا سمع السامع هذا الظرف علم أنه ظرف لأهوال تذكر بعده هي تفصيل ما أجمله قوله ( فتول عنهم ) من الوعيد بحيث لا يحسن وقع شيء مما في هذه الجملة هذا الموقع غير هذا الظرف ولولا تقديمه لجاء الكلام غير موثوق العرى وانظر كيف جمع فيما بعد قوله ( يوم يدعو الداعي ) كثيرا من الأهوال آخذ بعضها بحجز بعض بحسن اتصال ينقل كل منها ذهن السامع إلى الذي بعده من غير شعور بأنه يعدد له أشياء .
وقد عد سبعة من مظاهر الأهوال .
أولها : دعاء الداعي فإنه مؤذن بأنهم محضرون إلى الحساب لأن مفعول ( يدعو ) محذوف بتقدير : يدعوهم الداعي بدلالة ضمير ( عنهم ) على تقدير المحذوف .
الثاني : أنه يدعو إلى شيء عظيم لأن ما في لفظ ( شيء ) من الإبهام يشعر بأنه مهول وما في تنكيره من التعظيم يجسم ذلك الهول .
وثالثها : وصف شيء بأنه ( نكر ) أي موصوف بأنه تنكره النفوس وتكرهه .
والنكر بضمتين : صفة وهذا الوزن قليل في الصفات ومنه قولهم : روضة أنف أي جديدة لم ترعها الماشية ورجل شلل أي خفيف سريع في الحاجات ورجل سجح بجيم قبل الحاء أي سمح وناقة أجد : قوية موثقة فقار الظهر ويجوز إسكان عين الكلمة فيها للتخفيف وبه قرأ ابن كثير هنا .
ورابعها : ( خشعا أبصارهم ) أي ذليلة ينظرون من طرف خفي لا تثبت أحداقهم في وجوه الناس وهي نظرة الخائف المفتضح وهو كناية لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تظهران في عيونهما .
وخامسها : تشبيههم بالجراد المنتشر في الاكتظاظ واستتار بعضهم ببعض من شدة الخوف زيادة على ما يفيده التشبيه من الكثرة والتحرك .
وسادسها : وصفهم بمهطعين والمهطع : الماشي سريعا مادا عنقه وهي مشية مذعور غير ملتف إلى شيء يقال : هطع وأهطع