وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وكرر التشبيه لتقويته مع اختلاف الكيفية في أن عدم السمع مرة مع تمكن آلة السمع ومرة مع انعدام قوة آلته فشبه ثانيا بمن في أذنيه وقر وهو أخص من معنى ( كأن لم يسمعها ) . ومثل هذا التشبيه الثاني قول لبيد : .
فتنازعا سبطا يطير ظلاله ... كدخان مشعلة يشب ضرامها .
مشموله غلشت بنابت عرفج ... كدخان نار ساطع أسنامها والوقر : أصله الثقل وشاع في الصمم مجازا مشهورا ساوى الحقيقة وقد تقدم في قوله ( وفي آذانهم وقرا ) في سورة الأنعام .
وقرأ نافع ( في أذنيه ) بسكون الذال للتخفيف لأجل ثقل المثنى وقرأه الباقون بضم الذال على الأصل .
وقد ترتب على هذه الأعمال التي وصف بها أن أمر الله رسوله A أن يوعده بعذاب أليم . وإطلاق البشارة هنا استعارة تهكمية كقول عمرو بن كلثوم : .
" فعجلنا القرى أن تشتمونا وقد عذب النضر بالسيف إذ قتل صبرا يوم بدر فذلك عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أشد .
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم [ 8 ] خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم [ 9 ] ) لما ذكر عذاب من يضل عن سبيل الله اتبع ببشارة المحسنين الذين وصفوا بأنهم يقيمون الصلاة إلى قوله ( وأولئك هم المفلحون ) .
وانتصب ( وعد الله ) على المفعول المطلق النائب عن فعله وانتصب ( حقا ) على الحال المؤكدة لمعنى عاملها كما تقدم في صدر سورة يونس . وإجراء الاسمين الجليلين على ضمير الجلالة لتحقيق وعده لأنه لعزته لا يعجزه الوفاء بما وعد ولحكمته لا يخطئ ولا يذهل عما وعد فموقع جملة ( وهو العزيز الحكيم ) موقع التذييل بالأعم .
( خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم [ 10 ] هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين [ 11 ] ) استئناف للاستدلال على الذين دأبهم الإعراض عن آيات الله بأن الله هو خالق المخلوقات فلا يستحق غيره أن تثبت له الإلهية فكان ادعاء الإلهية لغير الله هو العلة للإعراض عن آيات الكتاب الحكيم فهم لما أثبتوا الإلهية لما لا يخلق شيئا كانوا كمن يزعم أن الأصنام مماثلة لله تعالى في أوصافه فلذلك يقتضي انتفاء وصف الحكمة عنه كما هو منتف عنها . ولذا فإن موقع هذه الآيات موقع دليل الدليل وهو المقام المعبر عنه في علم الاستدلال بالتدقيق وهو ذكر الشيء بدليله ودليل دليله فالخطاب في قوله ( ترونها ) و ( بكم ) للمشركين وقد تقدم في وسورة الرعد قوله ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) وتقدم في أول سورة النحل قوله ( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ) والمعنى خوف أن تميد بكم أو لئلا تميدكم كما بين هنالك .
وتقدم في سورة البقرة قوله ( وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح ) .
A E وقوله ( أنزلنا من السماء ماء ) هو نظير قوله في سورة البقرة ( وما أنزل الله من السماء من ماء ) وقوله في سورة الرعد ( أنزل من السماء ماء فسالت أودية ) .
والالتفات من الغيبة إلى التكلم في قوله ( وأنزلنا ) للاهتمام بهذه النعمة التي هي أكثر دورانا عند الناس .
وضمير ( فيها ) عائد إلى الأرض .
والزوج : الصنف وتقدم في قوله تعالى ( فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) في طه وقوله ( وأنبتت من كل زوج بهيج ) في سورة الحج .
والكرم : النفيس في نوعه وتقدم عند قوله تعالى ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) في سورة النمل .
وقد أدمج في أثناء دلائل صفة الحكمة الامتنان بما في ذلك من منافع للخلق بقوله ( أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة ) فإن من الدواب المبثوثة ما ينتفع به الناس من أكل لحوم أوانسها ووحوشها والانتفاع بألبانها وأصوافها وجلودها وقرونها وأسنانها والحمل عليها والتجمل بها في مرابطها وغدوها ورواحها ثم من نعمة منافع النبات من الحب والثمر والكلأ والكمأة . وإذ كانت البحار من جملة الأرض فقد شمل الانتفاع بدواب البحر فالله كما أبدع الصنع أسبغ النعمة فأرانا آثار الحكمة والرحمة