وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والأصح في المراد بقوله ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) أنه النضر بن الحارث فإنه كان يسافر في تجارة إلى بلاد فارس فيتلقى أكاذيب الأخبار عن أبطالهم في الحروب المملوءة أكذوبات فيقصها على قريش في أسمارهم ويقول : إن كان محمد يحدثكم بأحاديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بأحاديث رستم واسفنديار وبهرام . ومن المفرسين من قال : إن النضر كان يشتري من بلاد فارس كتب أخبار ملوكهم فيحدث بها قريشا أي بواسطة من يترجمها لهم . ويشمل لفظ ( الناس ) أهل سامره الذين ينصتون لما يقصه عليهم كما يقتضيه قوله تعالى إثره ( أولئك لهم عذاب مهين ) .
وقيل المراد ب ( من يشتري لهو الحديث ) من يقتني القينات المغنيات . روى الترمذي عن علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمان عن أبي أمامة عن رسول الله A قال " لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا خير في تجارة فيهن وتمنهن حرام " في مثل ذلك أنزلت هذه الآية ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ) إلى آخر الآية . قال أبو عيسى : هذا حديث غريب إنما يروي من حديث القاسم عن أبي أمامة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث سمعت محمدا " يعني البخاري " يقول علي بن يزيد يضعف اه .
وقال ابن العربي في العارضة : في سبب نزولها قولان : أحدهما أنها نزلت في النضر بن الحارث . الثاني أنها نزلت في رجل من قريش " قيل هو ابن خطل " اشترى جارية مغنية فشغل الناس بها عن استماع النبي A اه . وألفاظ الآية أنسب انطباقا على قصة النضر بن الحارث .
ومعنى ( ليضل عن سبيل الله ) أنه يفعل ذلك ليلهي قريشا عن سماع القرآن فإن القرآن سبيل موصل إلى الله تعالى أي إلى الدين الذي أراده فلم يكن قصده مجرد اللهو بل تجاوزه إلى الصد عن سبيل الله وهذا زيادة في تفظيع عمله .
وقرأ الجمهور ( يضل ) بصم الياء . وقرأه ابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء أي ليزداد ضلالا على ضلالة إذ لم يكشف لنفسه بالكفر حتى أخذ يبث ضلاله للناس وبذلك يكون مآل القراءتين متحد المعنى .
ويتعلق ( ليضل عن سبيل الله ) بفعل ( يشتري ) ويتعلق به أيضا قوله ( بغير علم ) لأن أصل تعلق المجرورات أن يرجع إلى المتعلق المبني عليه الكلام فالمعنى : يشتري لهو الحديث بغير علم أي عن غير بصيرة في صالح نفسه حيث يستبدل الباطل بالحق .
والضمير المنصوب في ( يتخذها ) عائد إلى ( سبيل الله ) فإن السبيل تؤنث .
وقرأ الجمهور ( ويتخذها ) بالرفع عطفا على ( يشتري ) أي يشغل الناس بلهو الحديث ليصرفهم عن القرآن ويتخذ سبيل الله هزؤا . وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ويعقوب وخلف بالنصب عطفا على ( ليضل ) أي يلهيهم بلهو الحديث ليضلهم وليتخذ دين الإسلام هزءا .
ومآل المعنى متحد في القراءتين لأن كلا الأمرين من فعله ومن غرضه . وأما الإضلال فقد رجح فيه جانب التعليل لأنه العلة الباعثة له على ما يفعل .
A E والهزؤ : مصدر هزأ به إذا سخر به كقوله ( اتخذوا آيات الله هزؤا ) .
ولما كان ( من يشتري لهو الحديث ) صادقا على النضر بن الحارث والذين يستمعون إلى قصصه من المشركين جيء في وعيدهم بصيغة الجمع ( أولئك لهم عذاب مهين ) .
واختير اسم الإشارة للتنبيه على أن ما يرد بعد اسم الإشارة من الخبر إنما استحقه لأجل ما سبق اسم الإشارة من الوصف .
وجملة ( أولئك لهم عذاب مهين ) معترضة بين الجملتين جملة ( من يشتري ) وجملة ( وإذا تتلى عليه آياتنا ) فهذا عطف على جملة ( يشتري ) الخ . والتقدير : ومن الناس من يشتري الخ ( وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا ) ؛ فالموصول واحد وله صلتان : اشتراء لهو الحديث للضلال والاستكبار عندما تتلى عليه آيات القرآن .
ودل قوله ( تتلى عليه ) أنه يواجه بتبليغ القرآن وإسماعه .
وقوله ( ولي ) تمثيل للإعراض عن آيات الله كقوله تعالى ( ثم أدبر يسعى ) .
و ( مستكبرا ) حال أي هو إعراض استكبار لا إعراض تفريط في الخير فحسب .
وشبه في ذلك بالذي لا يسمع الآيات التي تتلى عليه ووجه الشبه هو عدم التأثر ولو تأثرا يعقبه إعراض كتأثر الوليد بن المغيرة . و ( كأن ) مخففة من " كأن " وهي في موضع الحال من ضمير ( مستكبرا )