وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد عدل عن الغيبة الواقعة في ضمائر ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) إلى الخطاب بذلك في قوله ( فكلوا منها وأطعموا البائس ) الخ . على طريقة الالتفات أو على تقدير قول محذوف مأمور به إبراهيم " عليه السلام " .
وفي حكاية هذا تعريض بالرد على أهل الجاهلية إذ كانوا يمنعون الأكل من الهدايا .
ثم عاد الأسلوب إلى الغيبة في قوله ( ثم ليفضوا تفثهم ) .
ويحتمل أن تكون جملة ( فكلوا منها ) الخ معترضة مفرعة على خطاب إبراهيم ومن معه تفريع الخبر على الخبر تحذيرا من أن يمنع الأكل من بعضها .
والأيام المعلومات أجملت هنا لعدم تعلق الغرض ببيانها إذ غرض الكلام ذكر حج البيت وقد بينت عند التعرض لأعمال الحج عند قوله تعالى ( واذكروا الله في أيام معدودات ) .
والبائس : الذي أصابه البؤس وهو ضيق المال وهو الفقير . هذا قول جمع من المفسرين . وفي الموطأ : في باب ما يكره من أكل الدواب . قال مالك : سمعت أن البائس هو الفقير اه . وقلت : من أجل ذلك لم يعطف أحد الوصفين على الآخر لأنه كالبيان له وإنما ذكر البائس مع أن الفقير مغن عنه لترقيق أفئدة الناس على الفقير بتذكيرهم أنه في بؤس لأن وصف فقير لشيوع تداوله على الألسن صار كاللقب غير مشعر بمعنى الحاجة وقد حصل من ذكر الوصفين التأكيد . وعن ابن عباس : البائس الذي ظهر بؤسه في ثيابه وفي وجهه والفقير الذي تكون ثيابه نقية ووجهه وجه غني .
فعلى هذا التفسير يكون البائس هو المسكين ويكون ذكر الوصفين لقصد استيعاب أحوال المحتاجين والتنبيه إلى البحث عن موقع الامتناع .
( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق [ 29 ] ) هذا من جملة ما خاطب الله به إبراهيم " عليه السلام " .
وقرأ ورش عن نافع وقنبل عن ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " بكسر لام " ( ليقضوا ) . وقرأه الباقون " بسكون اللام " . وهما لغتان في لام الأمر إذا وقعت بعد ( ثم ) كما تقدم آنفا في قوله تعالى ( ثم ليقطع ) .
و ( ثم ) هنا عطفت جملة على جملة فهي للتراخي الرتبي لا الزمني فتفيد أن المعطوف بها أهم في الغرض المسوق إليه الكلام من المعطوف عليه . وذلك في الوفاء بالنذر والطواف بالبيت العتيق ظاهر إذ هما نسكان أهم من نحر الهدايا وقضاء التفث محمول على أمر مهم كما سنبينه .
A E والتفث : كلمة وقعت في القرآن وتردد المفسرون في المراد منها . واضطرب علماء اللغة في معناها لعلهم لم يعثروا عليها في كلام العرب المحتج به . قال الزجاج : إن أهل اللغة لا يعلمون التفث إلا من التفسير أي أقوال المفسرين . فعن ابن عمر وابن عباس : التفث : مناسك الحج وأفعاله كلها . قال ابن العربي لو صح عنهما لكان حجة الإحاطة باللغة . قلت : رواه الطبري عنهما بأسانيد مقبولة . ونسبة الجصائص إلى سعيد . وقال نفطويه وقطرب : التفث : هو الوسخ والدرن . ورواه ابن وهب عن مالك بن أنس . واختاره أبو بكر ابن العربي وأنشد قطرب لأمية بن أبي الصلت : .
حفوا رؤوسهم لم يحلقوا تفثا ... ولم يسلوا لهم قملا وصئبانا ويحتمل أن البيت مصنوع لأن أئمة اللغة قالوا لم يجئ في معنى التفث شعر يحتج به . قال نفطويه : سألت أعرابيا : ما معنى قوله ( ثم ليقضوا تفثهم ) فقال : ما أفسر القرآن ولكن نقول للرجل ما أتفثك أي ما أدرنك .
وعن أبي عبيده : التفث : قص الأظفار والأخذ من الشارب وكل ما يحرم على المحرم ومثله قوله عكرمة ومجاهد وربما زاد مجاهد مع ذلك : رمي الجمار .
وعن صاحب العين والفراء والزجاج : التفث الرمت والذبح والحلق وقص الأظفار والشارب وشعر الإبط . وهو قول الحسن ونسب إلى مالك بن أنس أيضا