وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولا تعرف أسماء ملوك مصر في هذا الزمن الذي كان فيه يوسف " عليه السلام " لأن المملكة أيامئذ كانت منقسمة إلى مملكتين : إحداهما ملوكها من القبط وهم الملوك الذين يقسمهم المؤرخون الإفرنج إلى العائلات الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة وبعض الثامنة عشرة .
والمملكة الثانية ملوكها من الهكسوس . ويقال لهم : العمالقة أو الرعاة وهم عرب .
ودام هذا الانقسام خمسمائة سنة وإحدى عشرة سنة 2214 قبل المسيح إلى سنة 1703 قبل المسيح .
وقولهم ( أئنك لأنت يوسف ) يدل على أنهم استشعروا من كلامه ثم من ملامحه ثم من تفهم قول أبيهم لهم ( وأعلم من الله ما لا تعلمون ) إذ قد اتضح لهم المعنى التعريضي من كلامه فعرفوا أنه يتكلم مريدا نفسه .
وتأكيد الجملة ب ( إن ) ولام الابتداء وضمير الفصل لشدة تحققهم أنه يوسف " عليه السلام " .
وأدخل الاستفهام التقريري على الجملة المؤكدة لأنهم تطلبوا تأييده لعلمهم به .
وقرأ ابن كثير ( إنك ) بغير استفهام على الخبرية والمراد لازم فائدة الخبر أي عرفناك . ألا ترى أن جوابه ب ( أنا يوسف ) مجرد عن التأكيد لأنهم كانوا متحققين ذلك فلم يبق إلا تأييده لذلك .
وقوله ( وهذا أخي ) خبر مستعمل في التعجيب من جمع الله بينهما بعد طول الفرقة فجملة ( قد من الله علينا ) بيان للمقصود من جملة ( وهذا أخي ) .
وجملة ( إنه من يتق ويصبر ) تعليل لجملة ( من الله علينا ) . فيوسف " عليه السلام " اتقى الله وصبر وبينيامين صبر ولم يعص الله فكان تقيا . أراد يوسف " عليه السلام " تعليمهم وسائل التعرض إلى نعم الله تعالى وحثهم على التقوى والتخلق بالصبر تعريضا بأنهم لم يتقوا الله فيه وفي أخيه ولم يصبروا على إيثار أبيهم إياهما عليهم .
وهذا من أفانين الخطابة أن يغتنم الواعظ الفرصة لإلقاء الموعظة وهي فرصة تأثر السامع وانفعاله وظهور شواهد صدق الواعظ في موعظته .
وذكر المحسنين وضع للظاهر موضع المضمر إذ مقتضى الظاهر أن يقال : فإن الله لا يضيع أجرهم . فعدل عنه إلى المحسنين للدلالة على أن ذلك من الإحسان وللتعميم في الحكم ليكون كالتذييل ويدخل في عمومه هو وأخوه .
ثم إن هذا في مقام التحدث بالنعمة وإظهار الموعظة سائغ للأنبياء لأنه من التبليغ كقول النبي A " إني لأتقاكم لله وأعلمكم به " .
والإيثار : التفضيل بالعطاء . وصيغة اليمين مستعملة في لازم الفائدة وهي علمهم ويقينهم بأن ما ناله هو تفضيل من الله وأنهم عرفوا مرتبته وليس المقصود إفادة تحصيل ذلك لأن يوسف " عليه السلام " يعلمه . والمراد : الإيثار في الدنيا بما أعطاه الله من النعم .
واعترفوا بذنبهم إذ قالوا ( وإن كنا لخاطئين ) . والخاطئ : فاعل الخطيئة أي الجريمة فنفعت فيهم الموعظة .
ولذلك أعلمهم بأن الذنب قد غفر فرفع عنهم الذم فقال ( لا تثريب عليكم ) .
والتثريب : التوبيخ والتقريع . والظاهر أن منتهى الجملة هو قوله ( عليكم ) لأن مثل هذا الق ول مما يجري مجرى المثل فيبنى على الاختصار فيكتفي ب ( لا تثريب ) مثل قولهم : لا باس وقوله تعالى ( لا وزر ) .
وزيادة ( عليكم ) للتأكيد مثل زيادة " لك " بعد " سقيا ورعيا " فلا يكون قوله ( اليوم ) من تمام الجملة ولكنه متعلق بفعل ( يغفر الله لكم ) .
وأعقب ذلك بأن أعلمهم بأن الله يغفر لهم في تلك الساعة لأنها ساعة توبة فالذنب مغفور لإخبار الله في شرائعه السالفة دون احتياج إلى وحي سوى أن الوحي لمعرفة إخلاص توبتهم .
وأطلق ( اليوم ) على الزمن وقد مضى عند قوله تعالى ( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) في أول سورة العقود .
A E وقوله ( اذهبوا بقميصي هذا ) يدل على أنه أعطاهم قميصا فلعله جعل قميصه علامة لأبيه على حياته ولعل ذلك كان مصطلحا عليه بينهما . وكان للعائلات في النظام القديم علامات يصطلحون عليها ويحتفظون بها لتكون وسائل للتعارف بينهم عند الفتن والاغتراب إذ كانت تعتريهم حوادث الفقد والفراق بالغزو والغارات وقطع الطريق وتلك العلامات من لباس ومن كلمات يتعارفون بها وهي الشعار ومن علامات في البدن وشامات .
وفائدة إرساله إلى أبيه القميص أن يثق أبوه بحياته ووجوده في مصر فلا يظن الدعوة إلى قدومه مكيدة من ملك مصر . ولقصد تعجيل المسرة له