وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووزن شيطان اختلف فيه البصريون والكوفيون من علماء العربية فقال البصريون هو فيعال من شطن بمعنى بعد ؛ لأنه أبعد عن رحمة الله وعن الجنة فنونه أصلية وقال الكوفيون هو فعلان من شاط بمعنى هاج أو احترق أو بطل ووجه التسمية ظاهر . ولا أحسب هذا الخلاف إلا أنه بحث عن صيغة اشتقاقه فحسب أي البحث عن حروفه الأصول وهل إن نونه أصل أو زائد وإلا فإنه لا يظن بنحاة الكوفة أن يدعوا أنه يعامل معاملة الوصف الذي فيه زيادة الألف والنون مثل غضبان كيف وهو متفق على عدم منعه من الصرف في قوله تعالى ( وحفظناها من كل شيطان رجيم ) . وقال ابن عطية ويرد على قول الكوفيون أن سيبويه حكى أن العرب تقول تشيطن إذا فعل فعل الشيطان فهذا يبين أنه من شطن وإلا لقالوا تشيط اه . وفي الكشاف : جعل سيبويه نون شيطان في موضع من كتابه أصلية وفي آخر زائدة اه .
A E والوجه أن تشيطن لما كان وصفا مشتقا من الاسم كقولهم تنمر أثبتوا فيه حروف الاسم على ما هي عليه لأنهم عاملوه معاملة الجامد دون المشتق لأنه ليس مشتقا مما اشتق منه الاسم بل من حروف الاسم فهو اشتقاق حصل بعد تحقيق الاستعمال وقطع النظر عن مادة الاشتقاق الأول فلا يكون قولهم ذلك مرجحا لأحد القولين . وعندي أنه اسم جامد شابه في حروفه مادة مشتقة ودخل في العربية من لغة سابقة لأن هذا الاسم من الأسماء المتعلقة بالعقائد والأديان وقد كان لعرب العراق فيها السبق قبل انتقالهم إلى الحجاز واليمن ويدل لذلك تقارب الألفاظ الدالة على هذا المعنى في أكثر اللغات القديمة . وكنت رأيت قول من قال إن اسمه في الفارسية سيطان . وخلوا بمعنى انفردوا فهو فعل قاصر ويعدي بالباء وباللام ومن ومع بلا تضمين ويعدي بالى على تضمين معنى آب أو خلص ويعدي بنفسه على تضمين تجاوز وباعد ومنه ما شاع من قولهم " افعل كذا وخلاك ذم " أي إن تبعة الأمر أو ضره لا تعود عليك . وقد عدى هنا بالى ليشير إلى أن الخلوة كانت في مواضع هي مآبهم ومرجعهم وأن لقاءهم للمؤمنين إنما هو صدفة ولمحات قليلة أفاد ذلك كله قوله ( لقوا ) و ( خلوا ) . وهذا من بديع فصاحة الكلمات وصراحتها .
واعلم أنه حكي خطابهم للذين آمنوا بما يقتضي أنهم لم يأتوا فيه بما يحقق الخبر من تأكيد وخطابهم موهم بما يقتضي أنهم حققوا لهم بقاءهم على دينهم بتأكيد الخبر بما دل عليه حرف التأكيد في قوله إنا معكم مع أن مقتضى الظاهر أن يكون كلامهم بعكس ذلك ؛ لأن المؤمنين يشكون في إيمان المنافقين وقومهم لا يشكون في بقائهم على دينهم فجاءت حكاية كلامهم الموافقة لمدلولاته على خلاف مقتضى الظاهر لمراعاة ما هو أجدر بعناية البليغ من مقتضى الظاهر . فخلو خطابهم مع المؤمنين عما يفيد تأكيد الخبر لأنهم لا يريدون أن يعرضوا أنفسهم في معرض من يتطرق ساحته الشك في صدقه لأنهم إذا فعلوا ذلك فقد أيقظوهم إلى الشك وذلك من إتقان نفاقهم على أنه قد يكون المؤمنون أخلياء الذهن من الشك في المنافقين لعدم تعينهم عندهم فيكون تجريد الخبر من المؤكدات مقتضى الظاهر .
وأما قولهم لقومهم إنا معكم بالتأكيد فذلك لأنه لما بدا من إبداعهم في النفاق عند لقاء المسلمين ما يوجب شك كبرائهم في البقاء على الكفر وتطرق به التهمة أبواب قلوبهم احتاجوا إلى تأكيد ما يدل على أنهم باقون على دينهم . وكذلك قولهم ( إنما نحن مستهزئون ) فقد أبدوا به وجه ما أظهروه للمؤمنين وجاءوا فيه بصيغة قصر القلب لرد اعتقاد شياطينهم فيهم إن ما أظهروه للمؤمنين حقيقة وإيمان صادق