وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( وما يخادعون ) قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو وخلف يخادعون بألف بعد الخاء وقرأه ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب " يخدعون " بفتح التحتية وسكون الخاء .
A E وجملة ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) حال من الضمير في ( يخادعون ) الأول أي يخادعون في حال كونهم لا يخادعون إلا أنفسهم أي خداعهم مقصور عن ذواتهم لا يرجع شيء منه إلى الله والذين آمنوا . فيتعين أن الخداع في قوله ( وما يخادعون ) عين الخداع المتقدم في قوله ( يخادعون الله ) فيرد إشكال صحة قصر الخداع على أنفسهم مع إثبات مخادعتهم الله تعالى والمؤمنين . وقد أجاب صاحب الكشاف بما حاصله أن المخادعة الثانية مستعملة في لازم معنى المخادعة الأولى وهو الضر فإنها قد استعملت أولا في مطلق المعاملة الشبيهة بالخداع وهي معاملة الماكر المستخف فأطلق عليها لفظ المخادعة استعارة ثم أطلقت ثانيا وأريد منها لازم معنى الاستعارة وهو الضر لأن الذي يعامل بالمكر والاستخفاف يتصدى للانتقام من معامله فقد يجد قدرة من نفسه أو غرة من صاحبه فيضره ضرا فصار حصول الضر للمعامل أمرا عرفيا لازما لمعامله وبذلك صح استعمال يخادع في هذا المعنى مجازا أو كناية وهو من بناء المجاز على المجاز لأن المخادعة أطلقت أولا استعارة ثم نزلت منزلة الحقيقة فاستعملت مجازا في لازم المعنى المستعار له فالمعنى وما يضرون إلا أنفسهم فيجري فيه الوجوه المتعلقة بإطلاق مادة الخداع على فعلهم ويجيء تأويل معنى جعل أنفسهم شقا ثانيا للمخادعة مع أن الأنفس هي عينهم فيكون الخداع استعارة للمعاملة الشبيهة بفعل الجانبين المتخادعين بناء على ما شاع في وجدان الناس من الإحساس بأن الخواطر التي تدعو إلى ارتكاب ما تسوء عواقبه أنها فعل نفس هي مغايرة للعقل وهي التي تسول للإنسان الخير مرة والشر أخرى وهو تخيل بني على خطابة أخلاقية لإحداث العداوة بين المرء وبين خواطره الشريرة بجعلها واردة عليه من جهة غير ذاته بل من النفس حتى يتأهب لمقارعتها وعصيان أمرها ولو انتسبت إليه لما رأى من سبيل إلى مدافعتها قال عمرو بن معد يكرب : .
فجاشت علي النفس أول مرة ... فردت على مكروهها فاستقرت وذكر ابن عطية أن أبا علي الفارسي أنشد لبعض الأعراب : .
" لم تدر ما " لا ولست قائلها ... عمرك ما عشت آخر الأبد .
ولم تؤامر نفسيك ممتريا ... فيها وفي أختها ولم تكد يريد بأختها كلمة " نعم " وهي أخت " لا " والمراد أنها أخت في اللسان . وقلت ومنه قول عروة بن أذينة : .
وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الفؤاد إلى الضمير فسلها فكأنهم لما عصوا نفوسهم التي تدعوهم للإيمان عند سماع الآيات والنذر إذ لا تخلو النفس من أوبة إلى الحق جعل معاملتهم لها في الإعراض عن نصحها وإعراضها عنهم في قلة تجديد النصح لهم وتركهم في غيهم كالمخادعة من هذين الجانبين .
واعلم أن قوله ( وما يخادعون إلا أنفسهم ) أجمعت القراءات العشر على قراءته بضم التحتية وفتح الخاء بعدها ألف والنفس في لسان العرب الذات والقوة الباطنية المعبر عنها بالروح وخاطر العقل