وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

استمطروا من قريش كل منخدع ... إن الكريم إذا خادعته انخدعا A E وفي الحديث " المؤمن غر كريم " أي من صفاته الصفح والتغاضي حتى يظن أنه غر ولذلك عقبه بكريم لدفع الغرية المؤذنة بالبله فإن الإيمان يزيد الفطنة لأن أصول اعتقاده مبنية على نبذ كل ما من شأنه تضليل الرأي وطمس البصيرة ألا ترى إلى قوله : والسعيد من وعظ بغيره مع قوله : " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " وكلها تنادي على أن المؤمن لا يليق به البله وأما معنى المؤمن غر كريم فهو أن المؤمن لما زكت نفسه عن ضمائر الشر وخطورها بباله وحمل أحوال الناس على مثل حاله فعرضت له حالة استئمان تشبه الغرية قال ذو الرمة : .
تلك الفتاة التي علقتها عرضا ... إن الحليم وذا الإسلام يختلب فاعتذر عن سرعة تعلقه بها واختلابها عقله بكرم عقله وصحة إسلامه فان كل ذلك من أسباب جودة الرأي ورقة القلب فلا عجب أن يكون سريع التأثر منها .
ومعنى صدور الخداع من جانبهم للمؤمنين ظاهر وأما مخادعتهم الله تعالى المقتضية أن المنافقين قصدوا التمويه على الله تعالى مع أن ذلك لا يقصده عاقل يعلم أن الله مطلع على الضمائر والمقتضية أن الله يعاملهم بخداع وكذلك صدور الخداع من جانب المؤمنين للمنافقين كما هو مقتضى صيغة المفاعلة مع أن ذلك من مذموم الفعل لا يليق بالمؤمنين فعله فلا يستقيم إسناده إلى الله ولا قصد المنافقين تعلقه بمعاملتهم لله كل ذلك يوجب تأويلا في معنى المفاعلة الدال عليه صيغة يخادعون أو في فاعله المقدر من الجانب الآخر وهو المفعول المصرح به .
فأما التأويل في يخادعون فعلى وجوه : أحدها أن مفعول خادع لا يلزم أن يكون مقصودا للمخادع " بالكسر " إذ قد يقصد خداع أحد فيصادف غيره كما يخادع أحد وكيل أحد في مال فيقال له أنت تخادع فلانا وفلانا تعني الوكيل وموكله فهم قصدوا خداع المؤمنين لأنهم يكذبون أن يكون الإسلام من عند الله فلما كانت مخادعتهم المؤمنين لأجل الدين كان خداعهم راجعا لشارع ذلك الدين وأما تأويل معنى خداع الله تعالى والمؤمنين إياهم فهو إغضاء المؤمنين عن بوادرهم وفلتات ألسنهم وكبوات أفعالهم وهفواتهم الدال جميعها على نفاقهم حتى لم يزالوا يعاملونهم معاملة المؤمنين فإن ذلك لما كان من المؤمنين بإذن الرسول A حتى لقد نهى من استأذنه في أن يقتل عبد الله بن ابن سلول كان ذلك الصنيع بإذن الله فكان مرجعه إلى الله ونظيره قوله تعالى ( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) في سورة النساء كما رجع إليه خداعهم للمؤمنين وهذا تأويل في المخادعة من جانبيها كل بما يلائمه .
الثاني ما ذكره صاحب الكشاف أن ( يخادعون ) استعارة تمثيلية تشبيها للهيئة الحاصلة من معاملتهم للمؤمنين ولدين الله ومن معاملة الله إياهم في الإملاء لهم والإبقاء عليهم ومعاملة المؤمنين إياهم في إجراء أحكام المسلمين عليهم بهيئة فعل المتخادعين .
الثالث أن يكون خادع بمعنى خدع أي غير مقصود به حصول الفعل من الجانبين بل قصد المبالغة . قال ابن عطية عن الخليل : يقال خادع من واحد لأن في المخادعة مهلة كما يقال عالجت المريض لمكان المهلة قال ابن عطية كأنه يرد فاعل إلى اثنين ولا بد من حيث إن فيه مهلة ومدافعة ومماطلة فكأنه يقاوم في المعنى الذي يجيء فيه فاعل اه . وهذا يرجع إلى جعل صيغة المفاعلة مستعارة لمعنى المبالغة بتشبيه الفعل القوي بالفعل الحاصل من فاعلين على وجه التبعية ويؤيد هذا التأويل قراءة ابن عامر ومن معه : يخدعون الله . وهذا إنما يدفع الإشكال عن إسناد صدور الخداع من الله والمؤمنين مع تنزيه الله والمؤمنين عنه ولا يدفع إشكال صدور الخداع من المنافقين لله .
وأما التأويل في فاعل ( يخادعون ) المقدر وهو المفعول أيضا فبأن يجعل المراد أنهم يخادعون رسول الله فالإسناد إلى الله تعالى إما على طريقة المجاز العقلي لأجل الملابسة بين الرسول ومرسله وإما مجاز بالحذف للمضاف فلا يكون مرادهم خداع الله حقيقة ويبقى أن يكون رسول الله مخدوعا منهم ومخادعا لهم وأما تجويز مخادعة الرسول والمؤمنين للمنافقين لأنها جزاء لهم على خداعهم فذلك غير لائق