وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فتكون كلمة ( على ) هنا بعض المركب الدال على الهيأة المشبه بها على وجه الإيجاز وأصله أولئك على مطية الهدى فهي تمثيلية تصريحية إلا أن المصرح به بعض المركب الدال لا جميعه . هكذا قرر كلام الكشاف فيها شارحوه والطيبي والتحتاني والتفتزاني والبيضاوي . وذهب القزويني في الكشف والسيد الجرجاني إلى أن الاستعارة في الآية تبعية مقيدة بأن شبه التمسك بالهدى عند المتقين بالتمكن من الدابة للراكب وسرى التشبيه إلى معنى الحرف وهو على وجوز السيد وجها ثالثا وهو أن يكون هنا استعارة مكنية مفردة بأن شبه الهدى بمركوب وحرف الاستعلاء قرينة على ذلك على طريقة السكاكي في رد التبعية للمكنية . ثم زاد الطيبي والتفتزاني فجعلا في الآية استعارة تبعية مع التمثيلية قائلين إن مجيء كلمة على يعين أن يكون معناها مستعارا لما يماثله وهو التمكن فتكون هنالك تبعية لا محالة .
A E وقد انتصر سعد الدين التفتزاني لوجه التمثيلية وانتصر السيد الجرجاني لوجه التبعية . واشتد السيد في إنكار كونها تمثيلية ورآه جمعا بين متنافيين لأن انتزاع كل من طرفي التشبيه من أمور متعددة يستلزم تركبه من معان متعددة كيف ومتعلق معنى الحرف من المعاني المفردة كالاستعلاء هنا ؛ فإذا اعتبر التشبيه هنا مركبا استلزم أن لا يكون معنى على ومتعلق معناها مشبها به ولا مستعارا منه لا تبعا ولا أصالة وأطال في ذلك في حاشيته للكشاف وحاشيته على المطول كما أطال السعد في حاشية الكشاف وفي المطول وتراشقا سهام المناظرة الحادة . ونحن ندخل في الحكومة بين هذين العلمين بأنه لا نزاع بين الجميع أن في الآية تشبيه أشياء بأشياء على الجملة حاصلة من ثبوت الهدى للمتقين ومن ثبوت الاستعلاء على المركوب غير أن اختلاف الفريقين هو في تعيين الطريقة الحاصل بها هذا التشبيه فالأكثرون يجعلونها طريقة التمثيلية بأن يكون تشبيه تلك الأشياء حاصلا بالانتزاع والتركيب لهيئة والسيد يجعلها طريقة التبعية بأن يكون المشبه والمشبه به هما فردان من تلك الأشياء ويحصل العلم ببقية تلك الأشياء بواسطة تقييد المفردين المشبه والمشبه به ويجوز طريقة التمثيل وطريقة المكنية .
فينصرف النظر هنا إلى أي الطريقتين أرجح اعتبارا وأوفى في البلاغة مقدارا وإلى أن الجمع بين طريقتي التمثيلية والتبعية هل يعد متناقضا في اعتبار القواعد البيانية كما زعمه السيد .
تقرر في علم البيان أن أهله أشد حرصا على اعتبار تشبيه الهيئة فلا يعدلون عنه إلى المفرد مهما استقام اعتباره ولهذا قال الشيخ في دلائل الإعجاز عند ذكر بيت بشار : .
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه " قصد تشبيه النقع والسيوف فيه بالليل المتهاوية كواكبه لا تشبيه النقع بالليل من جانب والسيوف بالكواكب من جانب ولذلك وجب الحكم بأن أسيافنا في حكم الصلة للمصدر " أي مثار " لئلا يقع في تشبيهه تفرق فإن نصب الأسياف على أن الواو بمعنى مع لا على العطف " . إذا تقرر هذا تبين لديك أن للتشبيه التمثيلي الحظ الأوفى عند أهل البلاغة ووجهه أن من أهم أغراض البلغاء وأولها باب التشبيه وهو أقدم فنونها ولا شك أن التمثيل أخص أنواع التشبيه لأنه تشبيه هيئة بهيئة فهو أوقع في النفوس وأجلى للمعاني .
ونحن نجد اعتبار التمثيلية في الآية أرجح لأنها أوضح وأبلغ وأشهر وأسعد بكلام الكشاف أما كونها أوضح فلأن تشبيه التمثيل منزع واضح لا كلفة فيه فيفيد تشبيه مجموع هيئة المتقين في اتصافهم بالهدى بهيئة الراكب إلخ بخلاف طريقة التبعية فإنها لا تفيد إلا تشبيه التمكن بالاستعلاء ثم يستفاد ما عدا ذلك بالتقييد . وأما كونها أبلغ فلأن المقام لما سمح بكلا الاعتبارين باتفاق الفريقين لا جرم كان أولاهما بالاعتبار ما فيه خصوصيات أقوى وأعز . وأما كونها أشهر فلأن التمثيلية متفق عليها بخلاف التبعية . وأما كونه أسعد بكلام الكشاف فلأن ظاهر قوله " مثل " أنه أراد التمثيل لأن كلام مثله من أهل هذه الصناعة لا تخرج فيه اللفظة الاصطلاحية عن متعارف أهلها إلى أصل المعنى اللغوي .
A E