وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اسم الإشارة متوجه إلى المتقين الذين أجري عليهم من الصفات ما تقدم فكانوا فريقين . وأصل الإشارة أن تعود إلى ذات مشاهدة معينة إلا أن العرب قد يخرجون بها عن الأصل فتعود إلى ذات مستحضرة من الكلام بعد أن يذكر من صفاتها وأحوالها ما ينزلها منزلة الحاضر في ذهن المتكلم والسامع فإن السامع إذا وعى تلك الصفات وكانت مهمة أو غريبة في خير أو ضده صار الموصوف بها كالمشاهد فالمتكلم يبني على ذلك فيشير إليه كالحاضر المشاهد فيؤتي بتلك الإشارة إلى أنه لا أوضح في تشخصه ولا أغنى في مشاهدته من تعرف تلك الصفات فتكفي الإشارة إليها هذا أصل الاستعمال في إيراد الإشارة بعد ذكر صفات مع عدم حضور المشار إليه . ثم إنهم قد يتبعون اسم الإشارة الوارد بعد تلك الأوصاف بأحكام فيدل ذلك على أن منشأ تلك الأحكام هو تلك الصفات المتقدمة على اسم الإشارة لأنها لما كانت هي طريق الاستحضار كانت الإشارة لأهل تلك الصفات قائمة مقام الذوات المشار إليها . فكما أن الأحكام الواردة بعد أسماء الذوات تفيد أنها ثابتة للمسميات فكذلك الأحكام الواردة بعد ما هو للصفات تفيد أنها ثبتت للصفات فكقوله ( أولئك على هدى من ربهم ) بمنزلة أن يقول : إن تلك الأوصاف هي سبب تمكنهم من هدي ربهم إياهم .
ونظيره قول حاتم الطائي : .
ولله صعلوك يساور همه ... ويمضي على الأحداث والدهر مقدما .
فتى طلبات لا يرى الخمص ترحة ... ولا شبعة إن نالها عد مغنما إلى أن قال : .
فذلك إن يهلك فحسنى ثناؤه ... وإن عاش لم يقعد ضعيفا مذمما فقوله ( أولئك على هدى ) جملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأن السامع إذا سمع ما تقدم من صفات الثناء عليهم ترقب فائدة تلك الأوصاف واسم الإشارة هنا حل محل ذكر ضميرهم والإشارة أحسن منه وقعا لأنها تتضمن جميع أوصافهم المتقدمة فقد حققه التفتزاني في باب الفصل والوصل من الشرح المطول أن الاستئناف بذكر اسم الإشارة أبلغ من الاستئناف الذي يكون بإعادة اسم المستأنف عنه . وهذا التقدير أظهر معنى وأنسب بلاغة وأسعد باستعمال اسم الإشارة في مثل هاته المواقع لأنه أظهر في كون الإشارة لقصد التنويه بتلك الصفات المشار إليها وبما يرد بعد اسم الإشارة من الحكم الناشئ عنها وهذا لا يحصل إلا بجعل اسم الإشارة مبتدأ أول صدر جملة استئناف . فقوله ( أولئك على هدى من ربهم ) رجوع إلى الإخبار عنهم بأن القرآن هدى لهم والإتيان بحرف الاستعلاء تمثيل لحالهم بأن شبهت هيئة تمكنهم من الهدى وثباتهم عليه ومحاولتهم الزيادة به والسير في طريق الخيرات بهيأة الراكب في الاعتلاء على المركوب والتمكن من تصريفه والقدرة على إراضته فشبهت حالتهم المنتزعة من متعدد بتلك الحالة المنتزعة من متعدد تشبيها ضمنيا دل عليه حرف الاستعلاء لأن الاستعلاء أقوى أنواع تمكن شيء من شيء ووجه جعلنا إياها مؤذنة بتقدير مركوب دون كرسي أو مسطبة مثلا لأن ذلك هو الذي تسبق إليه أفهامهم عند سماع ما يدل على الاستعلاء إذ الركوب هو أكثر أنواع استعلائهم فهو الحاضر في أذهانهم ولذلك تراهم حين يصرحون بالمشبه به أو يرمزون إليه ما يذكرون إلا المركوب وعلائقه فيقولون جعل الغواية مركبا وامتطى الجهل وفي المقامة " لما اقتعدت غارب الاغتراب " وقالوا في الأمثال ركب متن عمياء . تخبط خبط عشواء . وقال النابغة يهجو عامر بن الطفيل الغنوي : .
فإن يك عامر قد قال جهلا ... فإن مطية الجهل الشباب