وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فإذا صح أن التمثيلية أرجح فلننقل الكلام إلى تصحيح الجمع بينها وبين التبعية وهو المجال الثاني للخلاف بين العلامتين فالسعد والطيبي يجوزان اعتبار التبعية مع التمثيلية في الآية والسيد يمنع ذلك كما علمتم ويقول إذا كان التشبيه منتزعا من متعدد فقد انتزع كل جزء في المشبه من جزئي المشبه به وهو معنى التركيب فكيف يعتبر بعض المشبه به مستعارا لبعض المشبه فينتقض التركيب . وهذا الدليل ناظر إلى قول أئمة البلاغة إن أصل مفردات المركب التمثيلي أن تكون مستعملة في معانيها الحقيقية وإنما المجاز في جملة المركب أي في إطلاقه على الهيئة المشبهة فكلام السيد وقوف عندها . ولكن التفتزاني لم ير مانعا من اعتبار المجاز في بعض مفردات المركب التمثيلي إذا لم يكن فيه تكلف ولعله يرى ذلك زيادة في خصوصيات إعجاز هذه الآية ومن شأن البليغ أن لا يفيت ما يقتضيه الحال من الخصوصيات وبهذا تفاوتت البلغاء كما تقرر في مبحث تعريف البلاغة وحد الإعجاز هو الطرف الأعلى للبلاغة الجامع لأقصى الخصوصيات كما بيناه في موضعه وهو المختار فلما وجد في الهيئة المشبهة والهيئة المشبه بها شيئان يصلحان لأن يشبه أحدهما بالآخر تشبيها مستقلا غير داخل في تشبيه الهيئة كان حق هذا المقام تشبيه التمكن بالاستعلاء وهو تشبيه بديع وأشير إليه بكلمة على وأما غير هذين من أجزاء الهيأتين فلما لم يحسن تشبيه شيء منها بآخر ألغي التشبيه المفرد فيها إذ لا يحسن تشبيه المتقي بخصوص الراكب ولا الهدى بالمركوب فتكون ( على ) على هذا الوجه بعضا من المجاز المركب دليلا عليه باعتبار ومجازا مفردا باعتبار آخر .
والذي أختاره في هذه الآية أن يكون قوله تعالى ( أولئك على هدى ) استعارة تمثيلية مكنية شبهت الحالة بالحالة وحذف لفظ المشبه به وهو المركب الدال على الركوب كأن يقال راكبين مطية الهدى وأبقى ما يدل على المشبه وهو أولئك والهدى ورمز للمركب الدال على المشبه به بشيء من لوازمه وهو لفظ ( على ) الدال على الركوب عرفا كما علمتم فتكمل لنا في أقسام التمثيلية الأقسام الثلاثة : الاستعارة كما في الاستعارة المفردة فيكون التمثيل منه مجاز مرسل كاستعمال الخبر في التحسر ومنه استعارة مصرحة " نحو أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى " ومنه مكنية كما في الآية على رأينا ومنه تبعية كما في قول الحماسي : .
وفارس في غمار الموت منغمس ... إذا تألى على مكروهة صدقا فإن منغمس تمثيل لهيئة إحاطة أسباب الموت به من كل جانب بهيئة من أحاطت به المياه المهلكة من كل جانب ولفظ منغمس تبعية لا محالة .
وإنما نكر هدى ولم يعرف باللام لمساواة التعريف والتنكير هنا إذ لو عرف لكان التعريف تعريف الجنس فرجح التنكير تمهيدا لوصفه بأنه من عند ربهم فهو مغاير للهدى السابق في قوله ( هدى للمتقين ) مغايرة بالاعتبار إذ القصد التنويه هنا بشأن الهدى وتوسلا إلى إفادة تعظيم الهدى بقرينة مقام المدح وبذكر ما يدل على التمكن فتعين قصد التعظيم . فقوله ( من ربهم ) تنويه بهذا الهدى يقتضي تعظيمه وكل ذلك يرجع إلى تعظيم المتصفين بالتمكن منه .
وإنما وصف الهدى بأنه من ربهم للتنويه بذلك الهدى وتشريفه مع الإشارة بأنهم بمحل العناية من الله وكذلك إضافة الرب إليهم هي إضافة تعظيم لشأن المضاف إليه بالقرينة .
( وأولئك هم المفلحون [ 5 ] ) مرجع الإشارة الثانية عين مرجع الأولى ووجه تكرير اسم الإشارة التنبيه على أن كلتا الأثرتين جديرة بالاعتناء والتنويه فلا تذكر إحداهما تبعا للأخرى بل تخص بجملة وإشارة خاصة ليكون اشتهارهم بذلك اشتهارا بكلتا الجملتين وأنهم ممن يقال فيه كلا القولين