وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واللام في قوله ( ليقولوا ) لام التعليل ومدخولها هو أثر العلة دال عليها بعد طيها على طريقة الإيجاز . والتقدير : فتناهم ليروا لأنفسهم شفوفا واستحقاقا للتقدم في الفضائل اغترارا بحال الترفه فيعجبوا كيف يدعى أن الله يمن بالهدى والفضل على ناس يرونهم أحط منهم وكيف يعدون هم دونهم عند الله وهذا من الغرور والعجب الكاذب . ونظيره في طي العلة والاقتصار على ذكر أثرها قول إياس بن قبيصة الطائي : A E .
وأقدمت والخطي يخطر بيننا ... لأعلم من جبانها من شجاعها أي ليظهر الجبان والشجاع فأعلمهما .
والاستفهام مستعمل في التعجب والإنكار كما هو في قوله ( أألقي الذكر عليه من بيننا ) . والإشارة مستعملة في التحقير أو التعجيب كما هي في قوله تعالى حكاية عن قول المشركين ( أهذا الذي يذكر آلهتكم ) في سورة الأنبياء .
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لقصد تقوية الخبر .
وقولهم ( من الله عليهم ) قالوه على سبيل التهكم ومجاراة الخصم أي حيث اعتقد المؤمنون أن الله من عليهم بمعرفة الحق وحرم صناديد قريش فلذلك تعجب أولئك من هذا الاعتقاد أي كيف يظن أن الله يمن على فقراء وعبيد ويترك سادة أهل الوادي . وهذا كما حكى الله عنهم ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) . وهذه شنشنة معروفة من المستكبرين والطغاة . وقد حدث بالمدينة مثل هذا . روى البخاري أن الأقرع بن حابس جاء إلى رسول الله A فقال : إنما بايعك سراق الحجيج من أسلم وغفار ومزينة وجهينة فقال له رسول الله : أرأيت إن كانت أسلم وغفار ومزينة وجهينة خيرا من بني تميم وبني عامر وأسد وغطفان أخابوا وخسروا " أي أخاب بنو تميم ومن عطف عليهم " فقال : نعم قال : فو الذي نفسي بيده إنهم لخير منهم .
وفي الآية معنى آخر وهو أن يكون القول مضمرا في النفس وضمير ( ليقولوا ) عائدا إلى المؤمنين الفقراء فيكونوا هم البعض المفتونين ويكون البعض المجرور بالباء صادقا على أهل النعمة من المشركين وتكون إشارة ( هؤلاء ) راجعة إلى عظماء المشركين ويكون المراد بالمن إعطاء المال وحسن حال العيش ويكون الاستفهام مستعملا في التحير على سبيل الكناية والإشارة إلى المشركين معتبر فيها ما عرفوا به من الإشراك وسوء الاعتقاد في الله . والمعنى : وكذلك الفتون الواقع لعظماء المشركين وهو فتون الإعجاب والكبرياء حين ترفعوا عن الدخول فيما دخل فيه الضعفاء والعبيد من تصديق محمد A وصحبته استكبارا عن مساواتهم كذلك كان فتون بعض آخر وهم بعض المؤمنين حين يشاهدون طيب عيش عظماء المشركين في الدنيا مع إشراكهم بربهم فيعجبون كيف من الله بالرزق الواسع على من يكفرون به ولم يمن بذلك على أوليائه وهم أولى بنعمة ربهم . وقد أعرض القرآن عن التصريح بفساد هذا الخاطر النفساني اكتفاء بأنه سماه فتنة فعلم أنه خاطر غير حق وبأن قوله ( أليس الله بأعلم بالشاكرين ) مشير إلى إبطال هذه الشبهة . ذلك بأنها شبهة خلطت أمر شيئين متفارقين في الأسباب فاشتبه عليهم الجزاء على الإيمان وما أعد الله لأهله من النعيم الخالد في الآخرة المترتب عليه ترتب المسبب على السبب المجعول عن حكمة الله تعالى بالرزق في الدنيا المترتب على أسباب دنيوية كالتجارة والغزو والإرث والهبات . فالرزق الدنيوي لا تسبب بينه وبين الأحوال القلبية ولكنه من مسببات الأحوال المادية فالله أعلم بشكر الشاكرين وقد أعد لهم جزاء شكرهم وأعلم بأسباب رزق المرزوقين المحظوظين . فالتخليط بين المقامين من ضعف الفكر العارض للخواطر البشرية والناشئ عن سوء النظر وترك التأمل في الحقائق وفي العلل ومعلولاتها . وكثيرا ما عرضت للمسلمين وغيرهم شبه وأغلاط في هذا المعنى صرفتهم عن تطلب الأشياء من مظانها وقعدت بهم عن رفو أخلالهم في الحياة الدنيا أو غرتهم بالتفريط فيما يجب الاستعداد له كل ذلك للتخليط بين الأحوال الدينية الأخروية وبين السنن الكونية الدنيوية كما عرض لابن الراوندي من حيرة الجهل في قوله : .
كم عالم عالم أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا