وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فتطردهم ) منصوب في جواب النهي الذي في قوله ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم ) . وإعادة فعل الطرد دون الاقتصار على قوله ( فتكون من الظالمين ) لإفادة تأكيد ذلك النهي وليبنى عليه قوله ( فتكون من الظالمين ) لوقوع طول الفصل بين التفريع والمفرع عليه . فحصل بإعادة فعل ( فتطردهم ) غرضان لفظي ومعنوي . على أنه يجوز أن يجعل ( فتطردهم ) منصوبا في جواب النفي من قوله ( ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ) أي لا تطردهم إجابة لرغبة أعدائهم .
وقوله ( فتكون من الظالمين ) عطف على ( فتطردهم ) متفرع عليه أي فتكون من الظالمين بطردهم أي فكونه من ا لظالمين منتف تبعا لانتفاء سببه وهو الطرد .
وإنما جعل طردهم ظلما لأنه لما انتفى تكليفه بأن يحاسبهم صار طردهم لأجل إرضاء غيرهم ظلما لهم . وفيه تعريض بالذين سألوا طردهم لإرضاء كبريائهم بأنهم ظالمون مفرطون على الظلم ؛ ويجوز أن يجعل قوله ( فتكون من الظالمين ) منصوبا في جواب النهي ويجعل قوله ( فتطردهم ) جيء به على هذا الأسلوب لتجديد ربط الكلام لطول الفصل بين النهي وجوابه بالظرف والحال والتعليل ؛ فكان قوله ( فتطردهم ) كالمقدمة لقوله ( فتكون من الظالمين ) وليس مقصود بالذات للجوابية ؛ فالتقدير : فتكون من الظالمين بطردهم .
( وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلآء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين [ 53 ] ) الواو استئنافية كما هي في نظائره . والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا لأن السامع لما شعر بقصة أومأ إليها قوله تعالى ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم ) الآية يأخذه العجب من كبرياء عظماء أهل الشرك وكيف يرضون البقاء في ضلالة تكبرا عن غشيان مجلس فيه ضعفاء الناس من الصالحين فأجيب بأن هذا الخلق العجيب فتنة لهم خلقها الله في نفوسهم بسوء خلقهم .
وقعت هذه الجملة اعتراضا بين الجملتين المتعاطفتين تعجيلا للبيان وقرنت بالواو للتنبيه على الاعتراض وهي الواو الاعتراضية وتسمى الاستئنافية ؛ فبين الله أن داعيهم إلى طلب طردهم هو احتقار في حسد ؛ والحسد يكون أعظم ما يكون إذا كان الحاسد يرى نفسه أولى بالنعمة المحسود عليها فكان ذلك الداعي فتنة عظيمة في نفوس المشركين إذ جمعت كبرا وعجبا وغرورا بما ليس فيهم إلى احتقار للأفاضل وحسد لهم وظلم لأصحاب الحق وإذ حالت بينهم وبين الإيمان والانتفاع بالقرب من مجلس الرسول A .
والتشبيه مقصود منه التعجيب من ا لمشبه بأنه بلغ الغاية في العجب .
واسم الإشارة عائد إلى الفتون المأخوذ من ( فتنا ) كما يعود الضمير على المصدر في نحو ( اعدلوا هو أقرب للتقوى ) أي فتنا بعضهم ببعض فتونا يرغب السامع في تشبيهه وتمثيله لتقريب كنهه فإذا رام المتكلم أن يقربه له بطريقة التشبيه لم يجد له شبيها في غرائبه وفظاعته إلا أن يشبهه بنفسه إذ لا أعجب منه على حد قولهم : والسفاهة كاسمها .
وليس ثمة إشارة إلى شيء متقدم مغاير للمشبه . وجيء باسم إشارة البعيد للدلالة على عظم المشار إليه . وقد تقدم تفصيل مثل هذا التشبيه عند قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) في سورة البقرة .
والمراد بالبعض المنصوب المشركون فهم المفتونون وبالبعض المجرور بالباء المؤمنون أي فتنا عظماء المشركين في استمرار شركهم وشرك مقلديهم بحال الفقراء من المؤمنين الخالصين كما دل عليه قوله ( ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ) فإن ذلك لا يقوله غير المشركين وكما يؤيده قوله تعالى في تذييله ( أليس الله بأعلم بالشاكرين ) .
والقول يحتمل أن يكون قولا منهم في أنفسهم أو كلاما قالوه في ملئهم . وأياما كان فهم لا يقولونه إلا وقد اعتقدوا مضمونه فالقائلون ( أهؤلاء من الله عليهم ) هم المشركون