وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وتقديم المسندين على المسند إليهما في قوله ( ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ) تقديم غير واجب لأن للابتداء بالنكرتين هنا مسوغا وهو وقوعهما في سياق النفي فكان تقديم المجرورين هنا اختياريا فلابد له من غرض . والغرض يحتمل مجرد الاهتمام ويحتمل الاختصاص . وحيث تأتى معنى الاختصاص هنا فاعتباره أليق بأبلغ كلام ولذلك جرى عليه كلام الكشاف . وعليه فمعنى الكلام قصر نفي حسابهم على النبي A ليفيد أن حسابهم على غيره وهو الله تعالى . وذلك هو مفاد القصر الحاصل بالتقديم إذا وقع في سياق النفي وهو مفاد خفي على كثير لقلة وقوع القصر بواسطة التقديم في سياق النفي . ومثاله المشهور قوله تعالى ( لا فيها غول ) فإنهم فسروه بأن عدم الغول مقصور على الاتصاف بفي خمور الجنة فالقصر قصر قلب .
وقد اجتمع في هذا الكلام خمسة مؤكدات . وهي ( من ) البيانية و ( من ) الزائدة وتقديم المعمول وصيغة الحصر في قوله ( ما عليك من حسابهم من شيء ) والتأكيد بالتتميم بنفي المقابل في قوله ( وما من حسابك عليهم من شيء ) فإنه شبيه بالتوكيد الفظي . وكل ذلك للتنصيص على منتهى التبرئة من محاولة إجابتهم لاقتراحهم .
ويفيد هذا الكلام التعريض برؤساء قريش الذين سألوا إبعاد الفقراء عن مجلس الرسول E حين ما يحضرون وأوهموا أن ذلك هو الحائل لهم دون حضور مجلس الرسول E والإيمان به والكون من أصحابه فخاطب الله رسوله بهذا الكلام إذ كان الرسول هو المسؤول أن يقصي أصحابه عن مجلسه ليعلم السائلون أنهم سألوه ما لا يقع ويعلموا أن الله أطلع رسوله صلى ا لله عليه وسلم على كذبهم وأنهم لو كانوا راغبين في الإيمان لما كان عليهم حساب أحوال الناس ولاشتغلوا بإصلاح خويصتهم فيكون الخطاب على نحو قوله تعالى ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) . وقد صرح بذلك في قوله بعد ( ولتستبين سبيل المجرمين ) . وإذ كان القصر ينحل على نسبتي إثبات ونفي فالنسبة المقدرة مع القصر وهي نسبة الإثبات ظاهرة من الجمع بين ضمير المخاطب وضمير الغائبين أي عدم حسابهم مقصور عليك فحسابهم على أنفسهم إذ كل نفس بما كسبت رهينة .
وقد دل على هذا أيضا قوله بعده ( وما من حسابك عليهم من شيء ) فإنه ذكر لاستكمال التعليل ولذلك عطف على العلة لأن مجموع مدلول الجملتين هو العلة أي حسابهم ليس عليك كما أن حسابك ليس عليهم بل على نفسك إذ كل نفس بما كسبت رهينة ولا تزر وازرة وزر أخرى . فكما أنك لا تنظر إلا إلى أنهم مؤمنون فهم كذلك لا يطلب منهم التفريط في حق من حقوق المؤمنين لتسديد رغبة منك في شيء لا يتعلق بهم أو لتحصيل رغبة غيرهم في إيمانه . وتقديم المسند على المسند إليه هنا كتقديمه في نظيره السابق .
وفي قوله ( وما من حسابك عليهم من شيء ) تعريض بالمشركين بأنهم أظهروا أنهم أرادوا بطرد ضعفاء المؤمنين عن مجلس الرسول صلى ا لله عليه وسلم النصح له ليكتسب إقبال المشركين عليه والإطماع بأنهم يؤمنون به فيكثر متبعوه .
ثم بهذا يظهر أن ليس المعنى : بل حسابهم على الله وحسابك على الله لأن هذا غير مناسب لسياق الآية ولأنه يصير به قوله ( وما من حسابك عليهم من شيء ) مستدركا في هذا المقام ولذلك لم يتكرر نظير هذه الجملة الثانية مع نظير الجملة الأولى فيما حكى الله عن نوح ( إن حسابهم إلا على ربي ) في سورة الشعراء لأن ذلك حكي به ما صدر من نوح وما هنا حكي به كلام الله تعالى لرسوله فتنبه .
ويجوز أن يكون تقديم المسند في الموضعين من الآية لمجرد الاهتمام بنفي اللزوم والوجوب الذي دل عليه حرف ( على ) في الموضعين لا سيما واعتبار معنى القصر في قوله ( وما من حسابك عليهم من شيء ) غير واضح لأننا إذا سلمنا أن يكون للرسول E شبه اعتقاد لزوم تتبع أحوالهم فقلب ذلك الاعتقاد بالقصر لا نجد ذلك بالنسبة إلى ( الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) إذ لا اعتقاد لهم في هذا الشأن .
وقدم البيان على المبين في قوله ( وما من حسابك عليهم من شيء ) لأن الأهم في المقامين هو ما يختص بالمخاطب المعرض فيه بالذين سألوه الطرد لأنه المقصود بالذات وإنما جيء بالجملة الثانية لاستكمال التعليل كما تقدم .
A E