وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والكلام جار مجرى التهديد والتخويف اختير فيه التهديد بانتزاع سمعهم وأبصارهم وسلب الإدراك من قلوبهم لأنهم لم يشكروا نعمة هذه المواهب بل عدموا الانتفاع بها كما أشار إليه قوله آنفا ( وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) . فكان ذلك تنبيها لهم على عدم إجداء هذه المواهب عليهم مع صلاحيتها للانتفاع وناسب هنا أن يهددوا بزوالها بالكلية إن داموا على تعطيل الانتفاع بها فيما أمر به خالقها .
A E وقوله ( انظر ) تنزيل للأمر المعقول منزلة المشاهد وهو تصريف الآيات مع الإعراض عنها حتى أن الناظر يستطيع أن يراها فأما الأمر فهو مستعمل في التعجيب من حال إعراضهم .
والجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا تتنزل منزلة التذييل للآيات السابقة فإنه لما غمرهم بالأدلة على الوحدانية وصدق الرسول وأبطل شبههم عقب ذلك كله بالتعجيب من قوة الأدلة مع استمرار الإعراض والمكابرة وقد تقدم قريب منه عند قوله تعالى ( انظر كيف يفترون على الكذب ) في سورة النساء . وهذا تذكير لهم بأن الله هو خالق أسماعهم وأبصارهم وألبابهم فما كان غيره جديرا بأن يعبدوه .
وتصريف الآيات اختلاف أنواعها بأن تأتي مرة بحجج من مشاهدات في السماوات والأرض وأخرى بحجج من دلائل في نفوس الناس ومرة بحجج من أحوال الأمم الخالية التي أنشأها الله فالآيات هنا هي دلائل الوحدانية فهي متحدة في الغاية مختلفة الأساليب متفاوتة في الاقتراب من تناول الأفهام عامها وخاصها وهي أيضا مختلفة في تركيب دلائلها من جهتي المقدمات العقلية وغيرها ومن جهتي الترغيب والترهيب ومن التنبيه والتذكير بحيث تستوعب الإحاطة بالأفهام على اختلاف مدارك العقول .
والتعريف في الآيات للعهد وهي المعهودة في هذه السورة ابتداء من قوله ( الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ) .
و ( ثم ) للترتيب الرتبي لأنها عطفت جملة على جملة فهي تؤذن بأن الجملة المعطوفة أدخل في الغرض المسوق له الكلام وهو هنا التعجيب من قوة الأدلة وأن استمرار الإعراض والمكابرة مع ذلك أجدر بالتعجيب به .
وجيء بالمسند في جملة ( هم يصدفون ) فعلا مضارعا للدلالة على تجدد الإعراض منهم . وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي لتقوي الحكم .
و ( يصدفون ) يعرضون إعراضا شديدا . يقال : صدف صدفا وصدوفا إذا مال إلى جانب وأعرض عن الشيء . وأكثر ما يستعمل أن يكون قاصرا فيتعدى إلى مفعوله ب ( عن ) . وقد يستعمل متعديا كما صرح به في القاموس . وقل التعرض لذلك في كتب اللغة ولكن الزمخشري في تفسير قوله تعالى في أواخر هذه السورة ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) قدر : وصدف الناس عنها مع أنه لم يتعرض لذلك في الأساس ولا علق على تقديره شارحوه . ولما تقدم ذكر الآيات حذف متعلق ( يصدفون ) لظهوره أي صدف عن الآيات .
( قل أرايتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون [ 47 ] ) استئناف للتهديد والتوعد وإعذار لهم بأن إعراضهم لا يرجع بالسوء إلا عليهم ولا يضر بغيرهم كقوله ( وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون ) .
والقول في ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة ) الآية كالقول في نظيريه المتقدمين .
وجيء في هذا وفي نظيره المتقدم بكاف الخطاب مع ضمير الخطاب دون قوله ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم ) الآية لأن هذا ونظيره أبلغ في التوبيخ لأنهما أظهر في الاستدلال على كون المشركين في مكنة قدرة الله فإن إتيان العذاب أمكن وقوعا من سلب الأبصار والأسماع والعقول لندرة حصول ذلك فكان التوبيخ على إهمال الحذر من إتيان عذاب الله أقوى من التوبيخ على الاطمئنان من أخذ أسماعهم وأبصارهم فاجتلب كاف الخطاب المقصود منه التنبيه دون أعيان المخاطبين .
والبغتة تقدمت آنفا .
والجهرة : الجهر ضد الخفية وضد السر . وقد تقدم عنه قوله تعالى ( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ) في سورة البقرة