وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقد أوقع الجهرة هنا في مقابلة البغتة وكان الظاهر أن تقابل البغتة بالنظرة أو أن تقابل الجهرة بالخفية إلا أن البغتة لما كانت وقوع الشيء من غير شعور به كان حصولها خفيا فحسن مقابلته بالجهرة فالعذاب الذي يجيء بغتة هو الذي لا تسبقه علامة ولا إعلام به . والذي يجيء جهرة هو الذي تسبقه علامة مثل الكسف المحكي في قوله تعالى ( فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ) أو يسبقه إعلام به كما في قوله تعالى ( فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ) . فإطلاق الجهرة على سبق ما يشعر بحصول الشيء إطلاق مجازي . وليس المراد من البغتة الحاصل ليلا ومن الجهرة الحاصل نهارا .
A E والاستفهام في قوله ( هل يهلك ) مستعمل في الإنكار فلذلك جاء بعده الاستثناء . والمعنى لا يهلك بذلك العذاب إلا الكافرون .
والمراد بالقوم الظالمين المخاطبون أنفسهم فأظهر في مقام الإضمار ليتأتى وصفهم أنهم ظالمون أي مشركون لأنهم ظالمون أنفسهم وظالمون الرسول والمؤمنين .
وهذا يتضمن وعدا من الله تعالى بأنه منجي المؤمنين ولذلك أذن رسوله بالهجرة من مكة مع المؤمنين لئلا يحل عليهم العذاب تكرمة لهم كما أكرم لوطا وأهله وكما أكرم نوحا ومن آمن معه كما أشار إليه قوله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) ثم قوله ( وما لهم أن لا يعذبهم الله ) .
( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون [ 48 ] والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون [ 49 ] ) عطف على جملة ( انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون ) . والمناسبة أن صدوفهم وإعراضهم كانوا يتعللون له بأنهم يرومون آيات على وفق مقترحهم وأنهم لا يقنعون بآيات الوحدانية ألا ترى إلى قولهم ( لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) إلى آخر ما حكي عنهم في تلك الآية فأنبأهم الله بأن إرسال الرسل للتبليغ والتبشير والنذارة لا للتلهي بهم باقتراح الآيات .
وعبر ب ( نرسل ) دون ( أرسلنا ) للدلالة على تجدد الإرسال مقارنا لهذين الحالين أي ما أرسلنا وما نرسل . فقوله ( مبشرين ومنذرين ) حالان مقدرتان باعتبار المستقبل ومحققتان باعتبار الماضي .
والاستثناء من أحوال محذوفة أي ما أرسلناهم إلا في حالة كونهم مبشرين ومنذرين .
والقصر إضافي للرد على من زعموا أنه إن لم يأتهم بآية كما اقترحوا فليس برسول من عند الله فهو قصر قلب أي لم نرسل الرسول للإعجاب بإظهار خوارق العادات . وكنى بالتبشير والإنذار عن التبليغ لأن التبليغ يستلزم الأمرين وهما الترغيب والترهيب فحصل بهذه الكناية إيجاز إذ استغنى بذكر اللازم عن الجمع بينه وبين الملزوم .
والفاء في قوله ( فمن آمن ) للتفريع أي فمن آمن من المرسل إليهم فلا خوف الخ .
و ( من ) الأظهر أنها موصولة كما يرجحه عطف ( والذين كذبوا ) عليه . ويجوز أن تكون شرطية لا سيما وهي في معنى التفصيل لقوله ( مبشرين ومنذرين ) . فإن كانت شرطية فاقتران ( فلا خوف ) بالفاء بين وإن جعلت موصولة فالفاء لمعاملة الموصول معاملة الشرط والاستعمالان متقاربان .
ومعنى ( أصلح ) فعل الصلاح وهو الطاعة لله فيما أمر ونهى لأن الله ما أراد بشرعه إلا إصلاح الناس كما حكى عن شعيب ( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ) .
والمس حقيقته مباشرة الجسم باليد وهو مرادف اللمس والجس ويستعار لإصابة جسم جسما آخر كما في هذه الآية .
وقد تقدم في قوله تعالى ( ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ) في سورة المائدة . ويستعار أيضا للتكيف بالأحوال كما يقال : به مس من الجنون . قال تعالى ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) .
وجمع الضمائر العائدة إلى ( من ) مراعاة لمعناها وأما إفراد فعل ( آمن ) و ( أصلح ) فلرعي لفظها .
والباء للسببية و ( ما ) مصدرية أي بسبب فسقهم . والفسق حقيقته الخروج عن حد الخير . وشاع استعماله في القرآن في معنى الكفر وتجاوز حدود الله تعالى . وتقدم تفصيله عند قوله تعالى ( وما يضل به إلا الفاسقين ) في سورة البقرة