وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعطف ( الشهر الحرام ) على ( الكعبة ) شبه عطف الخاص على العام باعتبار كون الكعبة أريد بها ما يشمل علائقها وتوابعها فإن الأشهر الحرم ما اكتسبت الحرمة إلا من حيث هي أشهر الحج والعمرة للكعبة كما علمت . فالتعريف في ( الشهر ) للجنس كما تقدم في قوله تعالى : ( ولا الشهر الحرام ) . ولا وجه لتخصيصه هنا ببعض تلك الأشهر . وكذلك عطف ( الهدي ) و ( القلائد ) . وكون الهدي قياما للناس ظاهر لأنه ينتفع ببيعة للحاج أصحاب المواشي من العرب وينتفع بلحومه من الحاج فقراء العرب فهو قيام لهم .
وكذلك القلائد فإنهم ينتفعون بها ؛ فيتخذون من ظفائرها مادة عظيمة للغزل والنسج فتلك قيام لفقرائهم . ووجه تخصيصها بالذكر هنا وإن كانت هي من أقل آثار الحج التنبيه على أن جميع علائق الكعبة فيها قيام للناس حتى أدنى العلائق وهو القلائد فكيف بما عداها من جلال البدن ونعالها وكسوة الكعبة ولأن القلائد أيضا لا يخلو عنها هدي من الهدايا بخلاف الجلال والنعال . ونظير هذا قول أبي بكر " والله لو منعوني عقالا " إلخ... .
وقوله ( ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ) الآية مرتبط بالكلام الذي قبله بواسطة لام التعليل في قوله ( لتعلموا ) . وتوسط اسم الإشارة بين الكلامين لزيادة الربط مع التنبيه على تعظيم المشار اليه وهو الجعل المأخوذ من قوله : ( جعل الله الكعبة ) فتوسط اسم الإشارة هنا شبيه بتوسط ضمير الفصل فلذلك كان الكلام شبيها بالمستأنف وما هو بمستأنف لأن ما صدق اسم الإشارة هو الكلام السابق ومفاد لام التعليل الربط بالكلام السابق فلم يكن في هذا الكلام شيء جديد غير التعليل والتعليل اتصال وليس باستئناف لأن الاستئناف انفصال . وليس في الكلام السابق ما يصلح لأن تتعلق به لام التعليل إلا قوله ( جعل ) . وليست الإشارة إلا للجعل المأخوذ من قوله ( جعل ) . والمعنى : جعل الله الكعبة قياما للناس لتعلموا أن الله يعلم الخ . . أي أن من الحكمة التي جعل الكعبة قياما للناس لأجلها أن تعلموا أنه يعلم . فجعل الكعبة قياما مقصود منه صلاح الناس بادىء ذى بدء لأنه المجعولة عليه ثم مقصود منه علم الناس بأنه تعالى عليم . وقد تكون فيه حكم أخرى لأن لام العلة لا تدل على انحصار تعليل الحكم الخبري في مدخولها لإمكان تعدد العلل للفعل الواحد لأن هذه علل جعلية لا إيجادية وإنما اقتصر على هذه العلة دون غيرها لشدة الاهتمام بها لأنها طريق إلى معرفة صفة من صفات الله تحصل من معرفتها فوائد جمة للعارفين بها في الامتثال والخشية والاعتراف بعجز من سواه وغير ذلك . فحصول هذا العلم غاية من الغايات التي جعل الله الكعبة قياما لأجلها .
والمقصود أنه يعلم ما في السماوات وما في الأرض قبل وقوعه لأنه جعل التعليل متعلقا بجعل الكعبة وما تبعها قياما للناس . وقد كان قيامها للناس حاصلا بعد وقت جعلها بمدة وقد حصل بعضه يتلو بعضا في أزمنة متراخية كما هو واضح . وأما كونه يعلم ذلك بعد وقوعه فلا يحتاج للاستدلال لأنه أولى ولأن كثيرا من الخلائق قد علم تلك الأحوال بعد وقوعها .
A E