وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووجه دلالة جعل الكعبة قياما للناس وما عطف عليها على كونه تعالى يعلم ما في السماوات وما في الأرض أنه تعالى أمر ببناء الكعبة في زمن إبراهيم فلم يدر أحد يومئذ إلا أن إبراهيم اتخذها مسجدا ومكة يومئذ قليلة السكان ثم إن الله أمر بحج الكعبة وبحرمة حرمها وحرمة القاصدين اليها ووقت للناس أشهرا القصد منها وهدايا يسوقونها إليها فإذا في جميع ذلك صلاح عظيم وحوائل دون مضار كثيرة بالعرب لولا إيجاد الكعبة كما بيناه آنفا . فكانت الكعبة سبب بقائهم حتى جاء الله بالإسلام . فلا شك أن الذي أمر ببنائها قد علم أن ستكون هنالك أمة كبيرة وأن ستحمد تلك الأمة عاقبة بناء الكعبة وما معه من آثارها . وكان ذلك تمهيدا لما علمه من بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فيهم وجعلهم حملة شريعته إلى الأمم وما عقب ذلك من عظم سلطان المسلمين وبناء حضارة الإسلام . ثم هو يعلم ما في الأرض وليس هو في الأرض بدليل المشاهدة أو بالترفع عن النقص فلا جرم أن يكون عالما بما في السماوات لأن السماوات إما أن تكون مساوية للأرض في أنه تعالى ليس بمستقر فيها ولا هي أقرب إليه من الأرض كما هو الاعتقاد الخاص فثبت له العلم بما في السماوات بقياس المساواة ؛ وإما أن يكون تعالى في أرفع المكان وأشرف العوالم فيكون علمه بما في السماوات أحرى من علمه بما في الأرض لأنا أقرب إليه وهو بها أعنى فيتم الاستدلال للفريقين .
وأما دلالة ذلك على أنه بكل شيء عليم فلأن فيما ثبت من هذا العلم الذي تقرر من علمه بما في السماوات وما في الأرض أنواعا من المعلومات جليلة ودقيقة ؛ فالعلم بها قبل وقوعها لا محالة فلو لم يكن يعلم جميع الأشياء لم يخل من جهل بعضها فيكون ذلك الجهل معطلا لعلمه بكثير مما يتوقف تدبيره على العلم بذلك المجهول فهو ما دبر جعل الكعبة قياما وما نشأ عن ذلك إلا عن عموم علمه بالأشياء ولولا عمومه ما تم تدبير ذلك المقدر .
( اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم [ 98 ] ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون [ 99 ] ) استئناف ابتدائي وتذييل لما سبق من حظر الصيد للمحرم وإباحة صيد البحر والامتنان بما جعل للكعبة من النعم عليهم ليطمئنوا لما في تشريع تلك الأحكام من تضييق على تصرفاتهم ليعلموا أن ذلك في صلاحهم فذيل بالتذكير بأن الله منهم بالمرصاد يجازي كل صانع بما صنع من خير أو شر . وافتتاح الجملة ب ( اعلموا ) للاهتمام بمضمونها كما تقدم عند قوله تعالى : ( واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه ) في سورة البقرة . وقد استوفى قوله : ( أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم ) أقسام معاملته تعالى فهو شديد العقاب لمن خالف أحكامه وغفور لمن تاب وعمل صالحا . وافتتاح الجملة بلفظ ( اعلموا ) للاهتمام بالخبر كما تقدم عند قوله تعالى ( واعلموا أنكم ملاقوه ) في سورة البقرة .
وجملة ( ما على الرسول إلا البلاغ ) معترضة ذيل بها التعريض بالوعيد والوعد . ومضمونها إعذار الناس لأن الرسول قد بلغ إليهم ما أراد الله منهم فلا عذر لهم في التقصير والمنة لله ولرسوله فيما أرشدهم إليه من خير .
والقصر ليس بحقيقي لأن على الرسول أمورا أخر غير البلاغ مثل التعبد لله تعالى والخروج إلى الجهاد والتكاليف التي كلفه الله بها مثل قيام الليل فتعين أن معنى القصر : ما عليه إلا البلاغ أي دون إلجائكم إلى الإيمان فالقصر إضافي فلا ينافي أن على الرسول أشياء كثيرة .
والإتيان بحرف ( على ) دون ( اللام ) ونحوها مؤذن بأن المردود شيء يتوهم أنه لازم للرسول من حيث إنه يدعي الرسالة عن الله تعالى .
وقوله ( والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ) عطف على جملة ( اعلموا أن الله شديد العقاب ) . وهي تتميم للتعريض بالوعيد والوعد تذكيرا بأنه لا يخفى عليه شيء من أعمالهم ظاهرها وباطنها .
وتقديم المسند إليه على الخبر الفعلي هنا لإفادة تقوي الحكم وليس لإفادة التخصيص لنبو المقام عن ذلك .
وذكر ( ما تبدون ) مقصود منه التعميم والشمول مع ( ما تكتمون ) وإلا فالغرض هو تعليمهم أن الله يعلم ما يسرونه أما ما يبدونه فلا يظن أن الله لا يعلمه .
A E