وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقوله ( فله عذاب أليم ) أي عقاب شديد في الآخرة بما اجترأ على الحرم أو على الإحرام أو كليهما وبما خالف إنذار الله تعالى وهذه إذا اعتدى ولم يتدارك اعتداءه بالتوبة أو الكفارة فالتوبة معلومة من أصول الاسلام والكفارة هي جزاء الصيد لأن الظاهر أن الجزاء تكفير عن هذا الاعتداء كما سيأتي . روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : " العذاب الأليم أنه يوسع بطنه وظهره جلدا ويسلب ثيابه وكان الأمر كذلك به في الجاهلية " . فالعذاب هو الأذى الدنيوي وهو يقتضي أن هذه الآية قررت ما كان يفعله أهل الجاهلية فتكون الآية الموالية لها نسخا لها . ولم يقل بهذا العقاب أحد من فقهاء الإسلام فدل ذلك على أنه أبطل بما في الآية الموالية وهذا هو الذي يلتئم به معنى الآية مع معنى التي تليها . ويجوز أن يكون الجزاء من قبيل ضمان المتلفات ويبقى إثم الاعتداء فهو موجب العذاب الأليم . فعلى التفسير المشهور لا يسقطه إلا التوبة وعلى ما نقل عن ابن عباس يبقى الضرب تأديبا ولكن هذا لم يقل به أحد من فقهاء الإسلام والظاهر أن سلبه كان يأخذه فقراء مكة مثل جلال البدن ونعالها .
( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام [ 95 ] ) استئناف لبيان آية ( ليبلونكم الله بشيء من الصيد ) أو لنسخ حكمها أن كانت تضمنت حكما لم يبق به عمل . وتقدم القول في معنى ( وأنتم حرم ) في طالع هذه السورة .
واعلم أن الله حرم الصيد في حالين : حال كون الصائد محرما وحال كون الصيد من صيد الحرم ولو كان الصائد حلالا ؛ والحكمة في ذلك أن الله تعالى عظم شأن الكعبة من عهد إبراهيم عليه السلام وأمره بأن يتخذ لها حرما كما كان الملوك يتخذون الحمى فكانت بيت الله وحماه وهو حرم البيت محترما بأقصى ما يعد حرمة وتعظيما فلذلك شرع الله حرما للبيت واسعا وجعل الله البيت أمنا للناس ووسع ذلك الأمن حتى شمل الحيوان العائش في حرمه بحيث لا يرى الناس للبيت إلا أمنا للعائذ به وبحرمه . قال النابغة : .
والمؤمن العائذات الطير يمسحها ... ركبان مكة بين الغيل فالسند فالتحريم لصيد حيوان البر ولم يحرم صيد البحر إذ ليس في شيء من مساحة الحرم بحر ولا نهر . ثم حرم الصيد على المحرم بحج أو عمرة لأن الصيد إثارة لبعض الموجودات الآمنة . وقد كان الإحرام يمنع المحرمين القتال ومنعوا التقاتل في الأشهر الحرم لأنها زمن الحج والعمرة فألحق مثل الحيوان في الحرمة بقتل الإنسان أو لأن الغالب أن المحرم لا ينوي الإحرام إلا عند الوصول إلى الحرم فالغالب أنه لا يصيد إلا حيوان الحرم .
والصيد عام في كل ما شأنه أن يصاد ويقتل من الدواب والطير لأكله أو الانتفاع ببعضه . ويلحق بالصيد الوحوش كلها . قال ابن الفرس : والوحوش تسمى صيدا وإن لم تصد بعد كما يقال : بئس الرمية الأرنب وإن لم ترم بعد . وخص من عمومه ما هو مضر وهي السباع المؤذية وذوات السموم والفأر وسباع الطير . ودليل التخصيص السنة .
وقصد القتل تبع لتذكر الصائد أن في حال إحرام وهذا مورد الآية فلو نسى أنه محرم فهو غير متعمد ولو لم يقصد قتله فأصابه فهو غير متعمد . ولا وجه ولا دليل لمن تأول التعمد في الآية بأنه تعمد القتل مع نسيان أنه محرم .
وقوله ( وأنتم حرم ) حرم جمع حرام بمعنى محرم مثل جمع قذال على قذل والمحرم أصله المتلبس بالإجرام بحج أو عمرة . ويطلق المحرم على الكائن في الحرم . قال الراعي : .
" قتلوا ابن عفان الخليفة محرما