وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وأشار بقوله ( تناله أيديكم ورماحكم ) إلى أنواع الصيد صغيره وكبيره . فقد كانوا يمسكون الفراخ بأيديهم وما هو وسيلة إلى الإمساك بالأيدي من شباك وحبالات وجوارح لأن جميع ذلك يؤول إلى الإمساك باليد . وكانوا يعدون وراء الكبار بالخيل والرماح كما يفعلون بالحمر الوحشية وبقر الوحش كما في حديث أبي قتادة أنه : رأى عام الحديبية حمارا وحشيا وهو غير محرم فاستوى على فرسه وأخذ رمحه وشد وراء الحمار فأدركه فعقره برمحه وأتى به . . إلخ . وربما كانوا يصيدون برمي النبال عن قسيهم كما في حديث الموطأ " عن زيد البهزي أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد مكة فإذا ظبي حاقف فيه سهم " الحديث . فقد كان بعض الصائدين يختبئ في قترة ويمسك قوسه فإذا مر به الصيد رماه بسهم . قال ابن عطية : وخص الرماح بالذكر لأنها أعظم ما يجرح به الصيد .
وقد يقال : حذف ما هو بغير الأيدي وبغير الرماح للاستغناء بالطرفين عن الأوساط .
وجملة ( تناله أيديكم ) صفة للصيد أو حال منه . والمقصود منها استقصاء أنواع الصيد لئلا يتوهم أن التحذير من الصيد الذي هو بجرح أو قتل دون القبض باليد أو التقاط البيض أو نحوه .
وقوله ( ليعلم الله من يخافه بالغيب ) علة لقوله ( ليبلونكم ) لأن الابتلاء اختبار فعلته أن يعلم الله منه من يخافه . وجعل علم الله علة للابتلاء إنما هو على معنى ليظهر للناس من يخاف الله من كل من علم الله أنه يخافه فأطلق علم الله على لازمه وهو ظهور ذلك وتميزه لأن علم الله يلازمه التحقق في الخارج إذ لا يكون علم الله إلا موافقا لما في نفس الأمر كما بيناه غير مرة ؛ أو أريد بقوله ( ليعلم الله ) التعلق التنجيزي لعلم الله بفعل بعض المكلفين بناء على إثبات تعلق تنجيزي لصفة العلم وهو التحقيق الذي انفصل عليه عبد الحكيم في الرسالة الخاقانية .
وقيل : أطلق العلم على تعلقه بالمعلوم في الخارج . ويلزم أن يكون مراد هذا القائل أن هذا الإطلاق قصد منه التقريب لعموم أفهام المخاطبين . وقال ابن العربي في القبس : " ليعلم الله مشاهدة ما علمه غيبا من امتثال من امتثل واعتداء من اعتدى فإنه عالم الغيب والشهادة يعلم الغيب أولا ثم يخلق المعدوم فيعلمه مشاهدة يتغير المعلوم ولا يتغير العلم " .
والباء إما للملابسة أو للظرفية وهي في موضع الحال من الضمير المرفوع في ( يخافه ) .
والغيب ضد الحضور وضد المشاهدة وقد تقدم في قوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ) على أحد وجهين هنالك فتعلق المجرور هنا بقوله ( يخافه ) الأظهر أنه تعلق لمجرد الكشف دون إرادة تقييد أو احتراز كقوله تعالى ( ويقتلون النبيين بغير حق ) . أي من يخاف الله وهو غائب عن الله أي غير مشاهد له . وجميع مخافة الناس من الله في الدنيا هي مخافة بالغيب . قال تعالى ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) .
وفائدة ذكره أنه ثناء على الذين يخافون الله أثنى عليهم بصدق الإيمان وتنور البصيرة فإنهم خافوه ولم يروا عظمته وجلاله ونعيمه وثوابه ولكنهم أيقنوا بذلك عن صدق استدلال . وقد أشار إلى هذا ما في الحديث القدسي " إنهم آمنوا بي ولم يروني فكيف لو رأوني " . ومن المفسرين من فسر الغيب بالدنيا . وقال ابن عطية : الظاهر أن المعنى بالغيب عن الناس أي في الخلوة . فمن خاف الله انتهى عن الصيد من ذات نفسه يعني أن المجرور للتقييد أي من يخاف الله وهو غائب عن أعين الناس الذين يتقى إنكارهم عليه أو صدهم إياه وأخذهم على يده أو التسميع به وهذا ينظر إلى ما بنوا عليه أن الآية نزلت في صيد غشيهم في سفرهم عام الحديبية يغشاهم في رحالهم وخيامهم أي كانوا متمكنين من أخذه بدون رقيب أو يكون الصيد المحذر من صيده مماثلا لذلك الصيد .
وقوله ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم ) تصريح بالتحذير الذي أومأ اليه بقوله ( ليبلونكم ) إذ قد أشعر قوله ( ليبلونكم ) أن في هذا الخبر تحذيرا من عمل قد تسبق النفس إليه .
والإشارة بذلك إلى التحذير المستفاد من ( ليبلونكم ) أي بعد ما قدمناه إليكم وأعذرنا لكم فيه فلذلك جاءت بعده فاء التفريع . والمراد بالاعتداء الاعتداء بالصيد وسماه اعتداء لأنه إقدام على محرم وانتهاك لحرمة الإحرام أو الحرم .
A E