وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واجتناب المذكورات هو اجتناب التلبس بها فيما تقصد له من المفاسد بحسب اختلاف أحوالها ؛ فاجتناب الخمر اجتناب شربها ؛ والميسر اجتناب التقامر به والأنصاب اجتناب الذبح عليها ؛ والأزلام اجتناب الاستقسام بها واستشارتها . ولا يدخل تحت هذا الاجتناب اجتناب مسها أو إراءتها للناس للحاجة إلى ذلك من اعتبار ببعض أحوالها في الاستقطار ونحوه أو لمعرفة صورها أو حفظها كآثار من التاريخ ؛ أو ترك الخمر في طور اختمارها لمن عصر العنب لاتخاذه خلا على تفصيل في ذلك واختلاف في بعضه .
فأما اجتناب مماسة الخمر واعتبارها نجسة لمن تلطخ بها بعض جسده أو ثوبه فهو مما اختلف فيه أهل العلم ؛ فمنهم من حملوا الرجس في الآية بالنسبة للخمر على معنييه المعنوي والذاتي فاعتبروا الخمر نجس العين يجب غسلها كما يجب غسل النجاسة حملا للفظ الرجس على جميع ما يحتمله . وهو قول مالك . ولم يقولوا بذلك في قداح الميسر ولا في حجارة الأنصاب ولا في الأزلام والتفرقة بين هذه الثلاث وبين الخمر لا وجه لها من النظر . وليس في الأثر ما يحتج به لنجاسة الخمر . ولعل كون الخمر مائعة هو الذي قرب شبهها بالأعيان النجسة فلما وصفت بأنها رجس حمل في خصوصها على معنييه . وأما ما ورد في حديث أنس أن كثيرا من الصحابة غسلوا جرار الخمر لما نودي بتحريم شربها فذلك من المبالغة في التبرؤ منها وإزالة أثرها قبل التمكن من النظر فيما سوى ذلك ألا ترى أن يعضهم كسر جرارها ولم يقل أحد بوجوب كسر الإناء الذي فيه شيء نجس . على أنهم فعلوا ذلك ولم يؤمروا به من الرسول صلى الله عليه وسلم . وذهب بعض أهل العلم إلى عدم نجاسة عين الخمر . وهو قول ربيعة بن أبي عبد الرحمان والليث بن سعد والمزني من أصحاب الشافعي وكثير من البغداديين من المالكية ومن القيروانيين ؛ منهم سعيد بن الحداد القيرواني . وقد استدل سعيد بن الحداد على طهارتها بأنها سفكت في طرق المدينة ولو كانت نجسا لنهوا عنه إذ قد ورد النهي عن إراقة النجاسة في الطرق . وذكر ابن الفرس عن ابن لبابة أنه أقام قولا بطهارة عين الخمر من المذهب . وأقول : الذي يقتضيه النظر أن الخمر ليست نجس العين وأن مساق الآية بعيد عن قصد نجاسة عينها إنما القصد أنها رجس معنوي ولذلك وصفه بأنه من عمل الشيطان وبينه بعد بقوله ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة ) ولأن النجاسة تعتمد الخباثة والقذارة وليست الخمر كذلك وإنما تنزه السلف عن مقاربتها لتقرير كراهيتها في النفوس .
وجملة ( إنما يريد الشيطان ) بيان لكونها من عمل الشيطان . ومعنى يريد يحب وقد تقدم بيان كون الإرادة بمعنى المحبة عند قوله تعالى ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ) في سورة النساء .
وتقدم الكلام على العداوة والبغضاء عند قوله تعالى ( وألقينا بينهم العداوة والبغضاء ) في هذه السورة .
A E وقوله ( في الخمر والميسر ) أي في تعاطيهما على متعارف إضافة الاحكام إلى الذوات أي بما يحدث في شرب الخمر من إثارة الخصومات والإقدام على الجرائم وما يقع في الميسر من التحاسد على القامر والغيظ والحسرة للخاسر وما ينشأ عن ذلك من التشائم والسباب والضرب . على أن مجرد حدوث العداوة والبغضاء بين المسلمين مفسدة عظيمة لأن الله أراد أن يكون المؤمنون إخوة إذ لا يستقيم أمر أمة بين أفرادها البغضاء . وفي الحديث " لا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا " .
و ( في ) من قوله ( في الخمر والميسر ) للسببية أو الظرفية المجازية أي في مجالس تعاطيهما .
وأما الصد عن ذكر الله وعن الصلاة فلما في الخمر من غيبوبة العقل وما في الميسر من استفراغ الوقت في المعاودة لتطلب الربح