وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذه أربع علل كل واحدة منها تقتضي التحريم فلا جرم أن كان اجتماعها مقتضيا تغليظ التحريم . ويلحق بالخمر كل ما اشتمل على صفتها من إلقاء العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة . ويلحق بالميسر كل ما شاركه في إلقاء العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وذلك أنواع القمار كلها أما ما كان من اللهو بدون قمار كالشطرنج دون قمار فذلك دون الميسر لأنه يندر أن يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ولأنه لا يوقع في العداوة والبغضاء غالبا فتدخل أحكامه تحت أدلة أخرى .
والذكر المقصود في قوله ( عن ذكر الله ) يحتمل أنه من الذكر اللساني فيكون المراد به القرآن وكلام الرسول E الذي فيه نفعهم وإرشادهم لأنه يشتمل على بيان أحكام ما يحتاجون إليه فإذا انغمسوا في شرب الخمر وفي التقامر غابوا عن مجالس الرسول وسماع خطبه وعن ملاقاة أصحابه الملازمين له فلم يسمعوا الذكر ولا يتلقوه من أفواه سامعيه فيجهلوا شيئا كثيرا فيه ما يجب على المكلف معرفته . فالسيء الذي يصد عن هذا هو مفسدة عظيمة يستحق أن يحرم تعاطيه ويحتمل أن المراد به الذكر القلبي وهو تذكر ما أمر الله به ونهى عنه فإن ذكر ذلك هو ذكر الله كقول عمر بن الخطاب : أفضل من ذكر الله باللسان ذكر الله عند أمره ونهيه . فالشيء الذي يصد عن تذكر أمر الله ونهيه هو ذريعة للوقوع في مخالفة الأمر وفي اقتحام النهي . وليس المقصود بالذكر في هذه الآية ذكر الله باللسان لأنه ليس شيء منه بواجب عدا ما هو من أركان الصلاة فذلك مستغنى عنه بقوله ( وعن الصلاة ) .
وقوله ( فهل أنتم منتهون ) الفاء تفريع عن قوله ( إنما يريد الشيطان ) الآية فإن ما ظهر من مفاسد الخمر والميسر كاف في انتهاء الناس عنهما فلم يبق حاجة لإعادة نهيهم عنهما ولكن يستغنى عن ذلك باستفهامهم عن مبلغ أثر هذا البيان في نفوسهم ترفيعا بهم إلى مقام الفطن الخبير ولو كان بعد هذا البيان كله نهاهم عن تعاطيها لكان قد أنزلهم منزلة الغبي ففي هذا الاستفهام من بديع لطف الخطاب ما بلغ به حد الإعجاز .
ولذلك اختير الاستفهام ب ( هل ) التي أصل معناها " قد " . وكثر وقوعها في حيز همزة الاستفهام فاستغنوا ب ( هل ) عن ذكر الهمزة فهي لاستفهام مضمن تحقيق الإسناد المستفهم عنه وهو ( أنتم منتهون ) دون الهمزة إذ لم يقل : أتنتهون بخلاف مقام قوله ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ) . وجعلت الجملة بعد ( هل ) اسمية لدلالتها على ثبات الخبر زيادة في تحقيق حصول المستفهم عنه فالاستفهام هنا مستعمل في حقيقته وأريد معها معناه الكنائي وهو التحذير من انتفاء وقوع المستفهم عنه . ولذلك روي أن عمر لما سمع الآية قال " انتهينا ! انتهينا ! " . ومن المعلوم للسامعين من أهل البلاغة أن الاستفهام في مثل هذا المقام ليس مجردا عن الكناية . فما حكي عن عمرو بن معد يكرب من قوله " إلا أن الله تعلى قال ( فهل أنتم منتهون ) فقلنا : لا " إن صح عنه ذلك . ولي في صحته شك فهو خطأ في الفهم أو التأويل . وقد شذ نفر من السلف نقلت عنهم أخبار من الاستمرار على شرب الخمر لا يدرى مبلغها من الصحة . ومحملها إن صحت على أنهم كانوا يتأولون قوله تعالى ( فهل أنتم منتهون ) على أنه نهي غير جازم . ولم يطل ذلك بينهم .
A E