صحوة الشعوب الإسلامية أرعبت الغرب وزلزلت معادلاته في المنطقة
بدأت اليوم أعمال المؤتمر الدولي الرابع والعشرين للوحدة الاسلامية تحت عنوان "الاساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الاسلامية" بتلاوة آي من الكتاب الحكيم. ينعقد هذا المؤتمر في ظروف يشهد العالم الاسلامي فيه صحوة ونهضة اسلامية جديدة بدأت بشمال افريقيا وهي تزحف لتشمل جميع الاقطار العربية والاسلامية التي داست على حريات وكرامة شعوبها، لتستعيد هذه الصحوة المباركة هوية وحضارة وكرامة شعوبها .
وقد اكد هذا المؤتمر وخلال دوراته الاربع والعشرين الماضية على ضرورة اتحاد المسلمين ونبذ الخلافات المذهبية والعرقية لتحقيق ما نشاهده اليوم من بركات هذه الاتحاد ورص الصفوف الاسلامية .
وافتتح الجلسة الاولى لليوم الاول من المؤتمر الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب آية الله الشيخ التسخيري حيث أشار في بداية كلمته الى الصحوة الإسلامية التي عمّت العالم الإسلامي وبدأت بشمال افريقيا والانتفاضة المصرية لتذهب هذه الصحوة الى أن تؤسس شرق أوسط اسلامي على الرغم من ارادة الإستكبار.
وهذا ما كان يدعو اليه الإمام الخميني الراحل وأكد عليه في وصيته السياسية وقال: نحن نأمل أن يأتي يوماً ليتخلص العالم الإسلامي من شرقه الى غربه من براثن الاستعمار والاستكبار ويؤسس عالم اسلامي جديد على أساس الوحدة الإسلامية.
ومن ثم اشار الى محاور جهود المجمع العالمي للتقريب وهي عبارة عن:
۱- احياء التراث والثقافة الإسلامية.
۲- نشر ثقافة التقريب بين النخب وترجمته عملياً بين القاعدة الشعبية.
۳- تأسيس جبهة اسلامية موحدة مقابل غطرسة الاستكبار.
۴- ازالة الشبهات والتصورات الخاطئة بين المذاهب الإسلامية.
ومن ثم اشار الى محاور المؤتمر الحالي وضرورة التطرق الى الظروف الراهنة في العالم الإسلامي وتخصيص يوم من هذا المؤتمر لدراسة وبحث هذه الظروف.
بعد ذلك جاءت كلمة رئيس المجلس الشورى الإسلامي الدكتور علي لاريجاني. حيث اكد في كلمته الى حاجة المسلمين الى رؤية جديدة ومتطورة للوحدة الإسلامية ليستعيدوا مكانتهم في العالم الإسلامي.
وقال لاريجاني: ان الإنسان اليوم هو بحاجة الى رؤية ونظرية جديدة للعلاقات الفردية والمجتمعية ليتخلص من الرؤية المادية والاحادية والانانية في هذه العلاقات.
ونوّه إلى ان سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تستطيع ان تكون أساس لبناء رؤية جديدة للاتحاد والوحدة بين المسلمين تشريعياً وسياسياً.
وقال: ان احدى اسس اتحاد المسلمين هو التجديد في مفهوم التوحيد ليشمل كل مجالات الحياة، وفي هذا الخصوص أشار الى تجربة ثورة الإمام الراحل وكيفية تعامله مع النظام الشاه البائد وقال: عندما التقى ياسر عرفات بالإمام الراحل قال للإمام: "قلت لبيغن إنكم تعتمدون على القوى العظمى ونحن نتكل على ايران والإمام الخميني" ولكن الإمام في جوابه قال لعرفات: "ليكن اتكالك على الله تعالى"، وهذه هي الرؤية الصحيحة للتوحيد.
ثم أشار الى دورالدين في الغرب وفي العالم الإسلامي وقال: ان بعض يتصور أن الغرب عندما ابتعد عن الدين استطاع ان يتطور فكرياً وعلمياً والعالم الإسلامي عندما ابتعد عن الدين أصابه التأخر والجمود. ولكن نحن نقول: ان الغرب عندما أبعد القيم الدينية عن شؤونه الاجتماعية والأخلاقية والسياسية سقط في هاوية المادية والغرور والتغطرس وأصابه نوع من التوحّش، ولهذا بدأ يفكّر في استعمار سائر الشعوب. بينما تأخر العالم الإسلامي عن مواكبة التطورات العلمية ليس بسبب تدينه وإنما بسبب القنوط واليأس الذي أصاب الشعوب الإسلامية.
وفي هذا السياق أشار الى تأكيد الإمام الراحل بأن الثورة الإسلامية جاءت لتخرج الشعوب الإسلامية من حالة اليأس والقنوط والتقاعس، وتثبت ان الشعوب قادرة على إحياءه تراثها وهويتها وبناء مستقبلها بدون ان تحتاج الى الاتكال على القوة الكبرى. وهذه الثورة (والكلام للإمام الخميني) سوف تستمر وتكون سبب لوعي سائر الشعوب وما نشاهده اليوم هو تحقق ما تنبأ به الإمام الراحل.
ثم تطرق الى تجربة بدايات الثورة الإسلامية الإيرانية عندما حاول شاه ايران عن طريق تغيير رئيس الحكومة أن يهدّئ الشارع وقيادته المتمثلة بالإمام الراحل حيث بعث كارتر الرئيس الأسبق الأمريكي رسالة الى الإمام الخميني طلب منه الهُدنة لتستقر الأمور ويتفاوض مع الحكومة الجديدة، ولكن الإمام رفض ذلك، وقال: ان هدفنا هو تغيير النظام.
إن الثورة المصرية اليوم تواجه نفس السيناريو الأمريكي عندما تطلب من الشعب الهُدنة لتحرّف أهداف الثورة وتسرق ثمارها وتساءل الرئيس الشورى الإسلامي، هل أن هدف الشعب المصري هو تغيير الجنرالات، أي ان يرحل جنرال ويأتي جنرال آخر وتظل الإتفاقيات المذلّة على مضمونها السابق. وأكد لاريجاني: ان الشعب المصري ثار ضد هذه الاتفاقيات التي يعتبرها إذلالاً وإهانة لكرامته وحريته، ولهذا أوصى الحكومات العربية بأن لا تربط مصيرها بمخططات وسياسات القوى الكبرى التي لا تنظر الى مصالح هذه الشعوب وإنما هدفها الرئيسي هو الهيمنة على المسلمين والحفاظ على مصالحهم، ولا يهمها نوع الحكومات التي تتعامل معها إن كانت ملكية او جمهورية، وحتى إذا كان الحاكم ديكتاتورياً. فعبارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ليس إلاّ شعارات فارغة لخداع الشعوب.
وأكد ان الصحوة الجديدة في العالم الإسلامي أرعدت الغرب وزلزلت معادلاته في المنطقة، ولهذا فنحن اليوم وأكثر من أي وقت آخر بحاجة الى وحدة المسلمين مذهبياً وسياسياً.