الدكتور شهرياري : لينهض العلماء من اجل رفع الظلم وفضح الظالمين

الدكتور شهرياري : لينهض العلماء من اجل رفع الظلم وفضح الظالمين

اكد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية "حجة الاسلام الدكتور حميد شهرياري"، على تعزيز دور العلماء والنخب الدينية لرفع الظلم والجور وفضح الظالمين.

جاء ذلك في كلمة "الدكتور شهرياري"، امام اجتماع المنتدى الاسلامي الدولي الـ 18، المقام في 7-10 كانون الاول الجاري تحت عنوان "العدالة و الاعتدال.. الاصول الالهیة للنظام العالم" في موسكو.

ولفت فضيلته في جانب من كلمته بالمناسبة، انه بواسطة الحصار المفروض اليوم على دول اسلامية مثل لبنان واليمن وبقاع اخرى، يمنع حتى من دخول الدواء الى هذه البلدان؛ قائلا : هذا ما یستوجب علی العلماء أن ینهضوا من أجل رفع  الظلم و فضح الظالمین و الدعوة الی تحقیق العدل و التعامل الانسانی في الساحة العالمية.

وافادت وكالة "تنـا"، ان النص الكامل لكلمة الامين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية خلال اجتماع "المنتدى الاسلامي الدولي" الـ 18 في روسيا، جاء كالتالي :

 
مستلزمات احلال العدالة و الاعتدال
10 ـ 7 دیسمبر 2022 ـ موسکو
العدالة و الاعتدال.. الاصول الالهیة للنظام العالمی
تحت عنوان:

الدورة الثامنة عشرة للإجتماع الدولی لمسلمی روسیاالحمدلله و الصلاة و السلام علی رسول الله اشرف الأنبیاء المرسلین و علی آله الطیبین الطاهرین و صحبه المنتجبین و علی جمیع أنبیاء الله المرسلین.
اصحاب الفضيلة و السعادة،  السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
اتقدم اولا بالشکر للمجمع العالمي للمسلمین في روسیة الاتحادية و إلی أمینه العام و رئیس الإدارة الدینیة لمسلمي روسیا فضيلة المفتی "راویل عین‌الدین" للتفضل بدعوتی إلی هذا المؤتمر، و الشکر لکل القائمین علی هذا التجمع العلمی الدینی و علی اختیارهم الموفق لعنوانه : العدالة و الاعتدال، الأصول الإلهیة للنظام العالمی.
فالمفردتان : العدالة و الاعتدال، هما الیوم أمل البشرية المعذبة التی ترزح تحت الظلم و التطرف.
من الواضح للسادة العلماء أن الهدف الأساس من الرسالات السماوية هو إقامة أسس العدالة في الحیاة البشرية؛ [لقد ارسلنا رسلنا بالبینات و أنزلنا معهم الکتاب و المیزان لیقوم الناس بالقسط].
فالعدل، هو الذی یخلق فی المجتمع حالة الاحساس بالعزة و الکرامة و بدونه یسود الشعور بالذل و الإحساس الذی یحیی الفرد و المجتمع، و اذا انعدم، تنعدم الحیاة الإنسانية و تنعدم کل الدوافع التی تؤدی إلی التطویر و الابداع و التقدم الحضاری.
والقرآن کریم إذ یضع القسط هدفا لبعثة الأنبیاء علیهم السلام، فإنه أیضا یصرح بأن هدف دعوة الله و رسوله للبشرية هو الأحیاء؛ [یا ایها الذین آمنوا استجیبوا لله و للرسول إذا دعاکم لما یحییکم].
وهذا تاکید من القرآن الکریم بأن القسط أو العدل من جهة و الإحیاء من جهة أخری، متلازمان في تحقیق الهدف من دعوة رسالات السماء.
والاعتدال یتحقق في ظل حیاة تسودها العزة و الکرامة و بدون ذلک یفقد الانسان و المجتمع قدرة السیر علی نهج الوسطية و یصبح عرضة للإفراط والتفریط.
و أهم عامل علی تحقیق الاعتدال في المجتمعات البشرية هو ان یسود عامل التعارف فی العلاقات بین الشعوب، و التعارف هو التبادل المعرفي، و التبادل المعرفي یقی الفرد و المجتمع من الذاتیة والأنانیة ویجعله منفتحا علی الآخر؛ القرآن الکریم قرر هذه الحقیقة وهي : أن الاختلاف في الجنس و الاختلاف في الانتماء إنما هو من أجل هذا التبادل المعرفي [یا ایها الناس إنا خلقناکم من ذکر و أنثی وجعلناکم شعوبا وقبائل لتعارفوا]،  وبهذا التعارف یزول التعالی علی الاخرین بسبب اللون أو الجنس أو العرق؛ فالآیة الکریمة تقول [إن أکرمکم عندالله أتقاکم].
ولابد أن نذکر هنا أن أغلال التعصب القومی و الطائفی و الاقلیمی لها الدور الکبیر فی خلق العلاقات المتشنجة المتطرة بین الشعوب، ولا یمکن أن تتحقق الأخوة البشریة إلا بنزع هذه الاغلال؛ والی هذا یشیر القرآن الکریم في حدیثه عن أهل الجنة و هو حدیث یسری علی البشریة في هذا الدنیا ایضا، بقوله سبحانه [و نزعنا ما فی صدورهم من غل  إخوانا].
و في ظل هذه الاخوة الانسانية تتحقق العلاقات الایجابیة بین الشعوب و لیس هذا ضرب من الخیال، بل هو من واقع الفطرة الانسانیة التی جبلت علی الحب لا علی الکراهية و الحب من [فطرة الله التی فطر الناس علیها لا تبدیل لخلق الله]. 
تراثنا الاسلامی العلمی و الادبی و الاخلاقی مفعم بالدعوة إلی الحب؛ فالعلاقة بین الإنسان و الله قائمة علی أساس الحب [یحبهم و یحبونه].
كما ان العرفان الإسلامی یقوم علی أساس الحب أو العشق بتعبیر الأدب الفارسی؛ و تبلغ أهمیة العشق أن یقول مولانا جلال الدین الرومی:
علت عاشق ز علت ها جداست    عشق اسطرلاب اسرار خداست
ای ان دافع العشق یختلف عن سائر الدوافع، فالعشق وسیلة لمعرفة الاسرار الالهية.
ان عنوان المؤتمر "العدالة و الاعتدال" یفتح امامنا نافذة واسعة تطل علی ما اراده الله للبشریة من عزة و کرامة و حیاة إنساني کریمة. 
و لکن من الضروری أن نشیر الی أن العدالة لا یمکن ان تتحقق إلا إذا وقفنا بوجه ظلم الظالمین و بوجه الاعتداء علی حق الاخرین و هذا ما نشاهده الیوم بوضوح فی الساحة العالمیة، نشاهده فی احتلال الارض الفلسطینیة و تشرید الفلسطینیین من دیارهم و نشاهده في العبث بمقدسات المسلمین و خاصة في القدس الشریف.
و نشاهده ایضا فی فرض الحصار علی البلدان و منعها حتی دخول الدواء و الغذاء الیها.. هذا ما هو ماثل أمام العیان في لبنان و الیمن و بقاع أخری من العالم.. و هذا ما یستوجب علی العلماء أن ینهضوا من أجله .. من أجل رفع هذا الظلم و فضح الظالمین  و الدعوة الی تحقیق العدل و التعامل الانسانی فی الساحة العالمية.
نسأل الله سبحانه أن یوفق أمتنا لتحقیق هذه القیم الإنسانية التی بدونها لایمکن أن یکونوا أمة وسطا و شهداء علی الناس. و هذا ما یستدعی أن ینهض العلماء بدعوتهم و بدورهم فی إعلاء صوت الخطاب الأنسانی لیعلو علی خطاب الکراهية و إثارة الصراعات و النزاعات بین الشعوب.
مرة أخری أشکر القائمین علی هذاالمؤتمر راجیا أن تتبلور رسالته في مشروع عملی عالمی والله الموفق و نبارک في هذه الفرصة الذکری الالف و المئة لقبول الاسلام من قبل شعوب بلاد البلغار، والسلام علیکم و رحمة الله.