عالم دين واكاديمي سوري :

الإسلام جاء لإسعاد الإنسان دون أن يختص في خطابه طائفة دون طائفة أو قوما دون قوم

الإسلام جاء لإسعاد الإنسان دون أن يختص في خطابه طائفة دون طائفة أو قوما دون قوم

اكد الداعية الاسلامي والاستاذ بجامعة دمشق "الشيخ الدكتور علاء الدين الزعتري" على، ان "الاسلام عقيدة وشريعة، جاء لإسعاد الإنسان في أقطار الأرض، وجاء لمعالجة مشاكل الإنسان ومعضلاته، دون أن يختص أو يخص في خطابه طائفة دون طائفة، أو عنصرا دون عنصر، أو قوما دون قوم".

واضاف "الشيخ الزعتري"، في مقاله خلال الاجتماع الافتراضي للمؤتمر الدولي الـ 37 للوحدة الاسلامية المقام اليوم : لا تجد في عقيدة الإسلام ولا في شريعته أثرا من آثار الدعوة إلى القومية أو العرقية أو الإثنية ولا تجد ملمحا من ملامح ذلك؛ مبينا ان "الإسلام بنى القيم الأخلاقية على أسس رصينة تستمد مقوماتها من الفضائل الروحية والكمالات النفسية، لا من عنصر خاص أو فئة خاصة، حتى العربية التي هي لسان كتابه ولسان شريعته لم يتخذها الإسلام ملاکا للفخر والاعتزاز".
واستطرد : لقد ظهر الإسلام شاطبا بقلم عريض على ظاهرة القومية التي كانت قد تفشت بين العرب في العصر الجاهلي وفي أمم أخرى أيضا، وتفشت في شعوب مختلفة عبر التاريخ وربما مازالت بعض الدعوات إليها قائمة؛ مستدلا بآي من الذكر الحكيم : [يا أيها الناس، انا خلقناكم من ذكروأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عندالله أتقاكم].
وتابع : فالعجب أنت تقرأ هذه الآية، إلى جانب اعترافها بجميع القوميات إذ قالت [وجعلناكم شعوبا وقبائل تعود وتفسر فلسفة هذه القوميات لتعارفوا] اي خلقناكم أقواما وطوائف مختلفة للتعارف والتعاون لا للتفاخر والتقاتل، للألفة والمحبة لا للتناحر والبغضاء، للتعاون لا للتفرق، للخير لا للشر، والآية ذاتها حصرت ملاك الفخر في التقوى، فقالت [إن أكرمكم عند الله أتقاكم].
كما نوه رجل الدين السوري البارز، بجهود المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في تطبيق تعاليم القرآن الكريم المنادية بالوحدة والتماسك داخل الامة الاسلامية، "كما أراد الله في واقع المسلمين وفي حياتهم"؛ قائلا : إن من أسباب عزّ المسلمين، الأخوة الإسلامية، وإن عامل الكثرة إذا اتحد مع عامل الأخوة أنتج العزة وليس بالكثرة وحدها تكون العزة.
واردف : لذلك نرى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد آخى في إعلان عام، بين المسلمين مرتين؛ مرة في مكة المكرمة ومرة في المدينة المنورة، فسلمان الفارسي، وصهيب الرومي وبلال الحبشي وأبوذر العربي وعلي الهاشمي المطلبي، كلهم صاروا إخوة ببركة الإسلام.
واوضح الشيخ الزعتري، ان "هذه الكرامة والأكرمية هي لأفراد الأمة المتآخين انما تكون  عند الله من حيث الأجر والثواب لا من حيث الأمور الدنيوية".
واعرب عن اسفه من ان "الأخوة الإسلامية اصبحت اليوم مجرد شعار يردده بعض خطباء المنابر والوعاظ في أضيق الحدود وربما على استحياء"؛ لافتا الى، أن "رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم حين قال [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا یخذله]، لم يقل هذه الكلمات لتبقى مجرد شعار يردد للاستهلاك بل قال هذا الكلام لیکون منهج حياة وخطة عمل وطريقة التنفيذ.
ومضى الى القول : إن التوعية الدينية الرشيدة الیوم أصبحت ضرورة ملحة، هي تلك التي تهتم بمعالي الأمور وتتابع الأحداث الجارية وفي مقدمتها ما يمسّ الإسلام والمسلمين في شتى بقاع العالم.
الشيخ الزعتري اوضح ايضا، بان "التوعية الدينية التي نبحث عنها، ليست قاصرة على ما يتعلق بأمور الدين والعبادات الشعائرية، بل يجب أن تشمل أمور الدنيا باعتبار الإسلام دينا ودنيا مع ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، ومما يؤسف له أن المناهج الدراسية لا زالت في معزل عن دراسة شأن المسلمين العام والخاص".
واستدرك : ان الذي يجب أن تتبناه مناهج الدراسة، إنارة الوعي لدى الشباب المسلم وأمل الحاضر والمستقبل، على الرغم من غياب الوحدة الإسلامية، وكم يحزنني ويحزنكم حين لايعرف مسلم عن أخيه المسلم لا عن تاريخه ولا عن بلده، لقد عبر الداعية الإسلامي الشيخ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه ‘‘علل وأدوية’’ عن هذه المأساة، إذ قال ان دراسة أي شعب إسلامي هو أمر واجب شرعي، فالمسلمون أمة واحدة.
وتساءل بالقول : ألم يقل الحق سبحانه [انما المؤمنون إخوة] أي أخوة تكون اذا كانت مجرد شعار يردده خطيب على منبر؟! ألم يقل القرآن [ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين، من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا]، ألم يقل لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذ اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ]؟!
واكمل الداعية الاسلامي السوري : هذه صرخة نأمل أن نجد لها صدى بهمة رجال مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، أيها الإخوة والأحبة جعلني الله وإياكم من المتآخين المتاحبين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمدلله رب العالمين.