آية الله الاراكي في ندوة ( مبادىء الرؤية السياسية في القرآن الكريم ) : الاسلام يعتبر الحكم لله وحده
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها آية الله الشيخ محسن الاراكي ، في الندوة العلمية التي عقدت مساء الاحد بمدينة قم المقدسة تحت عنوان " اصول و مبادىء الرؤية السياسي في القرآن الكريم " ، مشيراً الى أن الفهم الدقيق للقرآن منوط بوعي و ادراك قواعد صياغة النص ، و استيعابه بشكل سليم ، و الاحاطة الكاملة بأبعاد هذا الكتاب الالهي .
و أشار سماحته الى أن فهم النص له اصول ، موضحاً : أن المراد من فهم النص هو الوقوف على دوافع و اهداف القائل للنص . و لاشك ان أي كاتب عندما يدون نصّاً يهدف من ورائه الى قول شيء ما الى قارئه ، و من أجل تمهيد الطريق لفهم و استيعاب هذا النص ، لابد له من تدوينه بشكل نظامي و قانوني.
و تابع آية الله الاراكي : أن بوسع الكاتب أن يكون أفضل مقيّم للنص الذي يكتبه ، و التعرف على مدى فهم القارىء أو عدم فهمه للنص . و لهذا و من أجل تحقق الاهداف المرجوة من كتابة النص ، ينبغي للكاتب وعي و استيعاب قواعد القول السليم و مراعاة أسس الفهم السليم ، و في الحوزة العلمية يطلق على ذلك بقواعد البيان و قواعد المقاصد.
و أضاف سماحته : لاشك أن قواعد سلامة النطق و التعبير تم مراعاتها في النص القرآني ، حتى أن القرآن يعتبر ملاكاً و معياراً لاستنباط النص العربي ، و أخذ بنظر الاعتبار قواعد البيان بشكل كامل بنحو ينبغي للمخاطب مراعاة قواعد المقاصد .
و أوضح الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية : أن احد متطلبات الخوض في تفسير القرآن ضرورة التعرف على قواعد المقاصد ، و تعتبر مراعاة قاعدة الاحاطة بالنص كاملاً غاية في الاهمية بالنسبة لفهم مقاصد القرآن في الجانب السياسي . أي أن يعلم الشخص أن هذه الآية لها ما يكملها أم لا ، لأن فهم الكلام بشكل منقوص لا يوصل الى الهدف .
و لفت آية الله الاراكي : بطبيعة الحال أن تكامل مفهوم الآيات لا يقتصر على القرآن وحده ، بل أن بعض التكامل موجود في الروايات ، لأن الرسول الاكرم (ص) كان مسؤولاً عن تبيين القرآن ، و أن أهل البيت (ع) عملوا على توضيح كلام الله و شرح احاديث الرسول الاكرم (ص) .
و في جانب آخر من كلمته ، اعتبر آية الله الاراكي الفهم السليم لـ " الدين " و " السياسة " ، يشكل مبدأ آخر في مناهج التفسير السياسي وفقاً للرؤية القرآنية ، موضحاً : لو اردنا أن يكون لدينا تفسيراً سياسياً ، ينبغي لنا ان نحدد اولاً ما هو المقصود من السياسة و الدين .
و أضاف سماحته : السياسة بمعنى فن ادارة المجتمع ، و مثل هذه الادارة تتطلب نظماً و منفذاً ، و في منطق القرآن عبّر عن النظم بالدين . ففي مواضع كثيرة منها سورة يوسف وصف الدين بمفهوم النظم .
و أشار آية الله الاراكي الى أن ثمة روايات تشير الى أن الآية " لا أكراه في الدين " عبّرت عن الدين بمنزلة النظم، مضيفاً : حتى الانبياء لم يفرضوا على الناس قبول النظم الاجتماعي بالقوة ، و إنما كانوا يبلّغون القانون الالهي الى الناس بالدليل و البرهان . ذلك أن نهج الانبياء يكمن في ابلاغ الدين . كما أن أهل البيت (عليهم السلام) اتّبعوا هذا النهج أيضاً،و لهذا لن تكون هناك حرب كونية أثناء ظهور الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) .
و شدد الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية بالقول : أن كل نظام سياسي يستمد مشروعيته من الله سبحانه ، غير أن ذلك لا يفرض على المجتمع بالقوة . و مع هذا فأن الناس يتحملون مسؤولية العمل بذلك . صحيح أن الانسان مسؤول عن تصرفاته ، غير أن الله تعالى أوضح ملاك و معيار أحقية السلوك و التصرف . أي ان المجتمع و الناس هم الذين يشكلون الحكومة .
و أوضح آية الله الاراكي أن الفقه السياسي يعتبر من البحوث الفقهية الرئيسة التي تتناول السلوكيات الاجتماعية ، لافتاً الى أن الامام أمير المؤمنين (ع) وافق على قبول مسؤولية الحكومة الالهية بعد اعلان الناس عن دعمهم له و تعاونهم معه ، و كما قال (عليه السلام ) ، لو لم يتحقق ذلك لما قبل الخلافة و تحمل اعباء الحكم .
و مضى سماحته يقول : مسؤولية الانبياء ابلاغ رسالة حكمهم ، و أن مسؤولية الناس الاستجابة لهم و طاعتهم . و هذا يعني أن الانبياء و اضافة الى ابلاغ الدين الالهي ، مكلفون بابلاغ حاكميتهم الى الناس و تأسيس نظام الحكم . و قد قال عزّ من قائل في سورة النساء : " و ما ارسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله " .
و في جانب آخر من كلمته أوضح آية الله الاراكي : من المغالطات التي حفل بها التاريخ القول أن حكومة الانبياء لم تتحق ابداً ، في حين أن انبياء بني اسرائيل حكموا ألف عام ، غير أن الطغاة و حكام الجور حرفوا التاريخ للحفاظ على حكمهم .
يتبع .............