وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 351/
الوصية التاسعة:
وإذا كان شأن العدل في القرآن، هو ما رأينا في الوصيةالسابقة، فإن أساسه يرجع إلى شيء واحد، وهو الوفاء بعهد الله، ولله مع عباده عهود يجب الوفاء بكل واحد منها، وقد صورت لنا في القرآن أنواع كثيرة من هذه العهود: أخذ الله العهد على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا: ((ألم أعهد إليكم يا بنى آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين، وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم)) وأرشد إلى أن هذا العهد قد أخذ على الإنسان بما أودع فيه من العقل، وبما ركب فيه من قوي الإدراك، وبينِّ له من مناهچ الخير والشر، ونصب له من الدلائل والأمارات: ((وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريهتم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى)) وأخذ الله العهد على الأنبياء باعتبارهم رسل هداية ودعاة إصلاح، يعد السابق منهم للاحق،و يبني اللاحق منهم على أساس السابق: ((وإذ أخذ الله ميثاق النبيين، لما آتيتكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم، لتؤمنن به ولتنصرنه قال. أأقرتم وأخذتم على ذلكم إصرى، قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين)) وهذا العهد في واقعه ليس خاصا بالأنبياء بعضهم مع بعض، وإنما هو عهد لكل من خصصه الوجود للقيام بطرف من مسئوليات الأنبياء، وقام بشيء من وظائفهم؛ فهو عهد المصلحين للمصلحين، عهد الله على اللاحقين منهم أن يسيروا في طريق السابقين، وأن يكونوا يدا واحدة، وقلبا واحدا، واتجاها واحدا في سبيل الإصلاح يؤمنون به جميعا، ويتعاونون به جميعا، ويقر آخرهم عمل أو لهم فيه، وهو عهد يقضى أن يكون للإصلاح خطة معلومة مرسومة، منشؤها أحكام الله وشرعه، يتناقلها الخلف عن السلف، ويتممها الخلف بعد السلف. ويناقض هذا العهد أو يقطعه، أن يكون كل مصلح أمة في نفسه، وحزبا برأسه، يستأنف ولا يبني، ويهدم ولا يشيد، وذلك مفسدة للرأى، ومضيعةللخير، ونقض لعهد الله.
وأخذ الله العهد على الذين آتاهم الكتاب، ومنحهم فضل بيانه وتعليمه، أخذ عليهم العهد بالبيان، بالقلم، باللسان، بكل وسيلة من وسائل الإعلام، أخذ عليهم