وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 347/
المبادلات التي لا بد منها في الحياة، والتي يكون الانتقاص فيها والسلب عن طريقها، انتقاصا للحياة كلها، وسلبا لعوامل الأمن والطمأنينة، وقد سميت هذه السورة بسورة المطففين:((ويل للمطففين، الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين)).
أما قوله تعالى: ((بالقسط)) فمعناه: أوفوا الكيل والميزان، لا رغبة ولا رهبة، وإنما أوفوه بدوافع القسط الذي يملك عليكم قلوبكم، ويصير خلقا لكم، تصدرون عنه في جميع أفعالكم، دون تكلف في وقت دون وقت، ولا حال دون حال، أي ليكن القسط والعدل هو الدافع لكم إلى الإيفاء، فيستمر بكم داعي الخير، وتطبعون على حب الفضيلة للفضيلة، ولما كانت الدقة في الكيل والميزان التي تحقق العدل المطلق، قد لا تدخل تحت كسب الإنسان وقدرته، رفع الله الحرج في ذلك وذيل الوصيةبقوله: ((لا نكلف نفسا إلا وسعها)) فهى ترخيص فيما لا يملك الإنسان ضبطه في الزيادة أو النقصان. وإذن، فإيفاء الكيل مطلوب بقدر الوسع والاستطاعة، وهذا سير مع سنة الله في التشريع لعباده، يرفع الحرچ، وينفي العسر، وهي قاعدة لها شأن عظيم في تشريع الإسلام، وقد قررها القرآن في غير ما آية، وفي كثير من الجزئيات، وفي التكاليف عامة ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به)) وكان لهذه القاعدة أثرها الواضح في العبادات والمعاملات، وهي أثر من آثار رحمةالله بعباده.
الوصية الثامنة:
كانت الوصية السابقة الأمر بإيفاء الكيل والميزان بالقسط الذي يدخل في مقدور الإنسان واستطاعته، وهو بذلك نوع من العدل الذي اهتم به القرآن،و حفل له، وجمع له من الأوامر والترغيبات ما جعله أصلا من أصول الدين