وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 142/
من آفات هذه المدنية:
لا أنقص هذه المدنية قيمتها، ولا أبخسها حقها، ولست في حاجة إلى الابانة عما يسرت للبشر وذللت، وفتحت من كنوز الأرض وأسرار الكون، وما رفهت عن المرضى، ووقت الإنسان من مصائب كثيرة، ولكنى أقول: ان مع الخير شراً، وان هذه المدنية فتحت على الناس أبواب القلق والضجر، وأمدت لهم في الشره، وزينت لهم من الشهوات والاهواء، وأناحت لهم من أسباب العذاب والخراب ما أحاط بهم من فوقهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم.
وأدع المصائب الكبيرة التي جلبتها هذه الحضارة التي يتحدث الناس عنها كل حين وأقول في أمور تبدو صغيرة ولكن لها في حياة الإنسان آثار كبيرة: هذه الضوضاء المحيطة بالناس في ليلهم ونهارهم، من القطارات والسيارات وأشباهها، ومن السينما والاذاعة والمجاهر وأشباهها.
وأخرى أذكر بها: كان الإنسان في العصور الخالية لايعرف الا حوادث بلد، ولا يهتم بغيرها، فإن دامت حرب خمسين سنة في الصين فعسى أن لايسمع بها أهل مصر، وان سمعوا بها لم يعرفوا الا قليلا من أخبارها، والذين يعرفون لا يهمهم منها كثير ولا قليل، بل تقع الحادثات في جانب من مملكة فلا يسمع بها أهل الجانب الاخر الا بعد أيام كثيرة، ولا يهمهم أمرها كثيرا، واليوم تقع حرب في الصين أو يفيض نهر أو تهتز أرض أو ينزل وباء فيسمعه الناس في أرجاء الأرض يوم وقوعه، فلا تخفى على الإنسان مصيبة على هذه الأرض، وكل ما يصيب البشريهم الإنسان أو يحزنه أو يقلقه.
لقد طويت المسافات فصار ما يقع في جانب من الأرض يصيب من في أقصى الأرض بقليل أو كثير، جمعت على الإنسان مصائب الأرض كلها خيرها وشرها وكان من قبل لا يهمه الا مصيبة نفسه وجيرانه الادنين.