وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 392/
ورب معترض يقول أن نقل معاوية بن أبي سفيان الدولة من نظام شورى إلى نظام ملكي، وصمت الأمة واستمرار هذا الصمت زمناً طويلاً على نظام الملكية، يجعل هذا التحول بحكم القانون، لأن سكوت الأمة يعتبر رضاه ضمنياً منها بما وقع، ولكن هذا الاعتراض مدفوع بما سلف أن قررناه من أن دولة العرب في ظل الإسلام تعتبر من الدول ذات الدستور المكتوب، فلا يصح اتخاذ سكوت الأمة على المخالفة التي ارتكبها معاوية، واستمرار هذه المخالفة بمثابة تعديل لقاعدة دستورية مكتوبة.
نعم إن هذا الوضع يصح في الدول ذات الدستور غير المكتوب أي في الدول ذات الدستور العرفي المبني على التطور التاريخي، بحيث إن كل انقلاب يعدل في أوضاع الدولة يأخذ شكل قانون واقعي يخفي السوابق التي تقدمته، دون حاجة إلى إصدار تعديل كتابي (1).
لهذا لا يمكن اعتبار الأحداث التي أحدثها معاوية ومن جاء بعده من الخلفاء والأمراء بمثابة تعديل للقاعدة المكتوبة، إلا إذا كان أحد هؤلاء قد ألف مجلساً وأصدر هذا المجلس تعديلا لهذه القاعدة، ولا نظر أن التاريخ قد وعى شيئا من ذلك.
فلم يبق والحالة هذه، إلا أن نقرر أن حكم القاعدة الدستورية المكتوبة:
(وأمرهم شورى بينهم) ما يزال قائماً مستمراً.
وتبعاً لهذه القاعدة المكتوبة، فإن مصدر السلطة السياسية يكون في يد جمعية تشريعية ينتخبها المسلمون بمحض اختيارهم من أهل المشورة فيهم، أي أن الأمة هي مصدر السيادة والسلطان بنص الدستور.
أما القول بأن شريعة الإسلام، شريعة إلهية فلا تقبل التعديل كغيرها من الشرائع السماوية، فأعتقد أن هذا القول لا ينسحب على الإسلام، لأن دستوره قد قال بقاعدة النسخ (ما ننسخ من آية أو ننسها، نأت بخير منها، أو مثلها). *

ــــــــــ
(1) راجع أيمن Eismcn في مؤلفه: (الحقوق الدستورية) وأمثالة.
(*) التحرير: لعل السيد الكاتب يتفضل بتوضيح رأيه في النسخ وجواز أن يكون في القرآن، وأن يقع بحكم من الأمة بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم).