وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 302 /
بل زاد عتوا، وقال الكلمة العوراء التي أشار إليها القرآن الكريم في قوله: (فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم، بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون، قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) فالإنسان بما فيه من طبائع شريرة، لا تقوى نفسه على حمل النعمة، فما هو إلا أن يوسع الله عليه في الرزق، ويبسط له في العيش، حتى يدعى أنه ما أعطى الغنى إلا لأنه أهل له، وحقيق به، وأن الغنى لم ينزل عليه من السماء، ولا فضل فيه لأحد: خالق ولا مخلوق، وإنما هو نتيجة جده واجتهاده، وفوق ذلك هو مظهر جدارته به، واستحقاقه له (إنما أوتيته على علم عندي).
كلمة قالها الأولون، وقالها الآخرون، قالها قارون كما أسلفنا، وقالها أهل مملكة سبأ حين تقلبوا في النعيم، فكانت بلادهم أخصب البلاد وأطيبها، حتى قيل لم يكن فيها بعوض ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، ولكنهم قالوا (ما نعرف لله نعمة) وأنزل الله فيهم (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية، جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم وأشكروا له بلدة طبية ورب غفور، فاعرضوا) وقالها بنو اسرائيل إذ جعل الله فيهم ملوكا، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، فجحدوا نعمة الله عليهم، وعصوا عن أمر ربهم، وادعوا أن ما جاءهم من الرزق والإكرام، إنما كان لأنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم الشعب المختار، وكانت نفوسهم تنطوي على أخبث القبيح (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة). (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار) فلئن كانت السنتهم تنطق بأنهم أبناء الله وأحباؤه، لقد كانت قلوبهم تنكر الصلة بينهم وبين خالقهم، حتى كان نهاية المطاف معهم أن قال الله فيهم (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون من منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون).