وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحة 345/
انتظاره حتى توجس في نفسه أن يكون الله قد ودعه وقلاه، فاجأه الوحي مؤكداً له رعاية الله اياه، وأنه ما ودعه وما قلاه، وأخذ يثبت ذلك في نفسه، ويذكره بعناية الله به قبل النبوة وهو يتيم أحوج ما يكون إلى العطف والايواء ((ألم يجدك يتيما فآوى)) وبذلك أشعر قلبه من أول الأمر بأن اليتيم الذي ذاق مرارته ينبغي أن يكون باعثاً له على العطف على اليتيم، والنظر إليه بعين الرحمة، والعمل على ايوائه وتكريمه، ثم يطلب منه شكر الله على نعمته التي أنعم بها عليه حين وجده يتيما فآوى، وأن يكون ذلك الشكر من نوع هذه النعمة عطفاً على اليتيم كما أنعم الله عليه بالعطف وهو يتيم ((فأما اليتيم فلا تقهر)) وان رسالة تؤسس على رعاية مثل هذه الاعتبارات لرسالة الرحمة العامة والخير العميم.
ثم تظهر هذه العناية في المكي أيضاً في صور أخرى من شأنها أن تدفع بالقلوب ـ مهما كانت قاسية ـ إلى أن تتفجر منها ينابيع الرحمة باليتيم، فمن ذلك قوله تعالى: ((أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين)).
يجعل ازدراء اليتيم واهمال شأنه، وعدم الاكتراث بأمره آية واضحة من آيات التكذيب بيوم الدين، ويصرح بأن دعوى الايمان مع ذلك دعوى كذب ونفاق ورياء.
ومن ذلك أنه يجعل الوصية به والاحسان إليه احدى الوصايا العشر التي لم تنسخ في ملة من الملل، والتي يبدؤها الله بقوله لرسوله في سورة الانعام: ((قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا…)) إلى أن يقول: ((ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده)) ومن تأمل أسلوب هذه الآية رأى أن الوصية باليتيم قصد فيها إلى النهي عن ((قربان)) ماله، وأن تسليط النهي علي ((القربان)) على هذا النحولم يرد في شيء غير النهي عن مال اليتيم الا في الوصية بالنهي عن الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن ما عداهما كان النهي فيه مسلطاً على نفس الفعل حتى الشرك بالله: لا تشركوا، ولا تقتلوا