وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 282/
أتُخذت قوله مالك بن أنس رضي الله عنه في الرد على من سأله: كيف استوى الله جل جلاله على العرش ؟ مبدأً من مبادئ الإيمان الصحيح في كل ما ورد به الكتاب والسنة من المتشابهات، واقصد بها قوله: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، واخرج أيها السائل) فهذا المبدأ هو الصراط المستقيم في كل ما يعترضنا مما لا ندرك حقيقته، وما علينا الا أن نؤمن بما جاء فيه عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه، ونكف عن التزيد فيه أو محاولة إدراك كيفيته.
من هذا يتبين أن المذاهب الكلامية لم يكن لها وجود في العهد الأول للمسلمينن وأنها لم تنشأ ـ حين نشأت ـ كاملة في جميع أبوابها ومسائلها وأدلتها وتفاصيل الكلام فيها، وإنما نشأت في أول الأمر عن سؤال أو بحث كهذا الذي أشرنا إليه، وقد وجد ذلك من يستمع إليه، ويناقش فيه، ويكوِّن له رأيا عنه، وتعدد ذلك في المجالس العلمية، واستفاض بين العلماء، فوجدت آراء انحاز إليها بعض الناس، وخالفها آخرون ثم أخذوا يتبادلون الجدل، فيفضي بهم إلى وجوه جديدة من الخلاف.
وهذه المذاهب كسائر الأفكار والآراء تتطور على الزمان، ويصيبها التغيير أو التعديل بالزيادة أو النقص، أو الشرح أو البيان على أيدي رجالها المتتابعين جيلا بعد جيل، فلو أننا وازنا بين مذهب من المذاهب في أول نشأته، وبينه بعد مرور قرن أو قرنين عليه مثلاً، لوجدناه يبتعد كثيراً عن أصله، ويضاف إلى آراء الأولين فيه قيود أو تفسيرات ربما جعلته مذهبا جديداً، وربما ضيقت نقط الخلاف بينه وبين غيره من المذاهب.
وكما يحدث التطور في المذاهب والآراء على هذه السنة، يحدث أن ينقرض بعض المذاهب فلا يبقى له أتباع في أي بلد من البلاد الإسلامية، أو أن يبقى له أتباع ينتسبون إليه انتسابا اسميا جغرافياً لأنهم لا يدركون منه قليلا ولا كثيرا ولكنهم ورثوا الانتساب إليه عن آبائهم، كما ورثوا أموالهم وديارهم وألقابهم وتقاليدهم، ومع ذلك يبقى هذا المذهب في الكتب التي تحدثت عنه، ووصفت