وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

/ صفحه 227/
أما المنهج الثاني من المناهج التي عرفناها للناس في فهم القصص القرآني فهو يتفق مع المنهج الأول في ناحية ويخالفه في ناحية، إذ هو صرف للألفاظ عن معانيها الحقيقية كما في المنهج الأول ولكن لا إلى واقع يُزعم ويدعى أنه مراد، وإنما إلى تخييل ما ليس بواقع واقعاً، فلا يلزم فيه الصدق ولا أن يكون إخباراً بما حصل، وإنما هو ضرب من القول شبيه بما يوضع من حكايات بين أشخاص مفروضين أو على ألسنة الطيور والحيوان، للإيحاء فقط بمغزى الحكاية من الإرشاد إلى فضيلة، والحث عليها أو التحذير من رذيلة والتنفير منها.
وقد حكى ابن تيمية في أول كتابه (بيان موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول) أن من جماعة الفلاسفة فرقة جعلت ما رأته بعقولها أصلا لما جاءت به الانبياء، فما وافق قانونهم هذا قبلوه، وما خالفه رفضوه. قال: (ومنهم أهل الوهم والتخييل الذين يقولون: إن الانبياء أخبروا عن الله واليوم الاخر، وعن الجنة والنار والملائكة بأمور غير مطابقة للأمر في نفسه، لكنهم خاطبوهم بما يتخيلون ويتوهمون من أن الأبدان تعاد، وأن لم نعيما محسوساً، وعقاباً محسوساً، وإن كان الأمر ليس كذلك في نفس الأمر، لأن من مصلحة ا لجمهور أن يخاطَبوا بما يتوهمون ويتخيلون من أن الأمر هكذا، وإن كان هذا كذبا فهو كذب لمصلحة الجمهور، إذ كانت دعوتهم ومصلحتهم لا تُمكن إلا بهذه الطريقة).
ولا شك أن القرآن إذا استُقبلت دراسته على هذا النحو من الخلط والخبط والادعاء، فقد اقتُحمت قدسيته، وزالت عن النفوس روعة الحق فيه، وتزلزلت قضاياه في كل ما تناوله من عقائد وتشريع وأخبار.
وشبيه بهذا ما فعله قوم زعموا أن ما جاء في الكتاب الكريم من الآيات الدالة على أن الله يعلم جزئيات الاشياء وتفاصيلها، لا يراد به معناه الظاهر ولا معنى آخر وإنما سيق ليورث رغبة ورهبة في قلوب الناس، وفي هؤلاء يقول الإمام الغزالي " وهم معترفون بأن هذا ليس من التأويل ولكن قالوا لما كان صلاح الخلق في أن يعقتدوا أن الله عالم بما يجري عليهم ورقيب عليهم جاز للرسول ان يفهمهم ذلك،