@ 389 @ صاحب الرأي في حادثة ممن ينازعه فيه ؛ اجتهاداً في بيان المصلحة ، وهما من أهل بيت واحد أمر به بين تلك الصفوف التي كانت تختلف وجهتها في الطلب وغايتها واحدة ، وهي العلم ؛ وعقيدة كل واحد منهم أن ( ( فكر ساعة خير من عبادة ستين سنة ) ) كما ورد في بعض الأحاديث . .
ثم قال : الخلفاء أئمة في الدين مجتهدون ، وبأيديهم القوة ، وتحت أمرهم الجيش ، والفقهاء والمحدثون والمتكلمون والأئمة المجتهدون الآخرون ، هم قادة أهل الدين ، ومن جند الخلفاء . الدين في قوته ، والعقيدة في أوج سلطانها ، وسائر العلماء ممن ذكرنا بعدهم يتمتعون في أكنافهم بالخير والسعادة ، ورفه العيش ، وحرية الفكر ، لا فرق في ذلك بين من كان من دينهم ، ومن كان من دين آخر ، فهناك يشير القارئ المنصف إلى أولئك المسلمين ، وأنصار ذلك الدين ، ويقول : ها هنا يطلق اسم التسامح مع العلم في حقيقته ، ها هنا يوصف الدين بالكرم ، والحلم ها هنا يعرف كيف يتفق الدين مع المدينة . عن هؤلاء العلماء الحكماء ، تؤخذ فنون الحرية في النظر ، ومنهم تهبط روح المسألة بين العقل الوجدان أو بين العقل والقلب كما يقولون ، يرى القارئ أنه لم يكن جلاد بين العلم والدين وإنما كان بين الله أهل العلم بين أهل الدين شيء من التخالف في الآراء ، شأن الأحرار في الأفكار لا ، الذين أطلقوا من غل التقليد ، وعوفوا من علة التقليد . ولم يكن يجري فيما بينهم اللمز والتنابر بالألقاب ، فلا يقول أحد منهم لآخر : إنه زنديق أو كافر أو مبتدع أو م يشبه ذلك ، ولا تناول أحداً منهم يد بأذى إلا إذا خرج عن نظام الجماعة وطلب الإجلال بأمن العامة ، فكان كالعضو المجذم فيقطع ليذهب ضرره عن البدن كله ) ) . .
ثم قال بعد ذلك تحت عنوان ( ( ملازمة العلم للدين ، وعدوي التعصب في المسلمين ) ) ما صورته ( ( متى ولع المسلمون بالتكفير والتفسيق ، ورمي زيد بأنه زنديق ؟ أشرنا فيما سبق إلى مبدأ هذا المرض ، ونقول الآن : إن ذلك بدأ فيهم عندما بدأ الضعف في الدين يظهر بينهم وأكلت الفتن أهل البصيرة من أهله - تلك الفتن التي كان يثيرها أعداء الدين في الشرق وفي الغرب لخفض سلطانه وتوهين أركانه - وتصدر للقول في الدين برأيه من لم تمتزج روحه