@ 38 @ وتبيين مآخذهم ، ولا في وجوه الأدب ، وضروب الأخلاق . فلم يبق في جليل من الأمر لقائل بعدهم مقال ، وقد بقيت أشياء من عمل الأمور ، فيها مواضع لصغار الفطن ، مشتقة من جسام حكم الأولين وقولهم ، ومن ذلك بعض ما أنا كاتب في كتابي من أبواب الأدب التي يحتاج إليها الناس ) ) انتهى كلامه . .
وفي قوله : ( ^ وقد بقيت . . . ) فتح لباب التصنيف على نحو هذا المعنى . وقد قالوا : ينبغي أن لا يخلو تصنيف من أحد المعاني الثمانية التي تصنف لها العلماء وهي : 1 - اختراع معدوم ، 2 - أو جمع مفترق ، 3 - أو تكميل ناقص ، 4 - أو تفصيل مجمل ، 5 - أو تهذيب مطول ، 6 - أو ترتيب مخلط ، 7 - أو تعيين مبهم ، 8 - أو تبيين خطأ ، كذا عدها أبو حيان ويمكن الزيادة فيها . .
قال ملا كاتب جلبي رحمه الله : ( ( ومن الناس من ينكر التصنيف في هذا الزمان مطلقاً ، ولا وجه لإنكاره من أهله ، وإنما يحمله عليه التنافس والحسد الجاري بين أهل الأعصار والله در القائل : .
( قل لمن لا يرى المعاصر شيئاً % ويرى للأوائل التقديما ) .
( إن ذاك القديم كان حديثاً % وسيبقى هذا الحديث قديما ) .
وأعلم : أن نتائج الأفكار لا تقف عند حد ، وتصرفات الأنظار لا تنتهي إلى غاية ، بل لكل عالم ومتعلم منها حظ يحرزه في وقته المقدر له ، وليس لأحد أن يزاحمه فيه ، لأن العالم المعنوي واسع كالبحر الزاخر ، والفيض الإلهي ، ليس له انقطاع ولا آخر ، والعلوم منح إلهية ، ومواهب صمدانية ، فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ، ما لم يدخر لكثير من المتقدمين ، فإنما يستجاد الشيء يسترذل ، لجودته ورداءته في ذاته ، لا تقدمه وحدوثه . فيقتصر الآخر على ما قدم الأول من الظاهر ، وهو خطر عظيم ، وقول سقيم ، كما قال عليه الصلاة والسلام :