@ 230 @ .
وأما قائل الثاني ( أي غير الشعر ) فهو إما ربنا تبارك وتعالى ، فكلامه عز أسمه أفصح كلام وأبلغه ، وإما أحد الطبقات الثلاث الأولى من طبقات الشعراء التي قدمناها . .
وأما الاستدلال بحديث النبي ، فقد جوزه ابن مالكن ومنعه ابن الضائع وأبو حيان وسندهما أمران : أحدهما : أن الأحاديث لم تنقل كما سمعت من النبي وإنما رويت بالمعنى وثانيهما : أن أئمة النحو المقدمين من المصرين لم يحتجوا بشيء منه . ورد الأول على تقدير تسليمه بأن النقل بالمعنى إنما كان في الصدر الأول قبل تدوينه في الكتب ، وقبل فساد اللغة ، وغايته تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به ، ورد الثاني : بأنه لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به . .
( ( والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه ، ويلحق به ما روى عن الصحابة وأهل البيت ) ) . .
وقال السيوطي في ( الاقتراح ) : ( وأما كلامه ، فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي ، وذلك نادر جداً ؛ إنما يوجد في الأحاديث القصار ، على قلة أيضاً ، فإن غالب الأحاديث مروي بالمعنى ، وقد تداولتها الأعاجم والمولدون قبل تدوينها ، فرووها بما أدت إليه عباراتهم ، فزادوا ونقصوا ، وقدموا وأخروا ، وبدلوا ألفاظ بألفاظ ، ولهذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مروياً على أوجه شتى بعبارات مختلفة ) . .
وقال أبو حيان في شرح التسهيل : ( قد أكثر المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب . وما رأيت أحداً من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة . وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء . فقال : إنما ذكر العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول ، وإنما كان كذلك لأمرين : أحدهما أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى ، وقد قال سفيان الثوري : إن قلت لكم إني أحدثكم كأسمعت فلا تصدقوني ، إنما هو المعنى ؛ والأمر الثاني : أنه وقع اللحن كثيراً فيما روى من الحديث ، لأن كثيراً من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ، ويتعلمون لسان العرب