@ 192 @ الحديث لا خصوص هذه الطريق ، وإن لم يوجد إلا من طريقه ، فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله . وليس في الصحيح بحمد الله من ذلك شيء وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال : سيء الحفظ ، أوله أوهام ، أوله مناكير وغير ذلك من العبارات ، فالحكم فيه ، كالحكم في الذي قبله ، إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات ، أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك ، وأما المخالفة ، وينشأ عنها الشذوذ والنكارة ، فإذا روى الضابط والصدوق شيئاً فرواه من هو احفظ منه ، أو أكثر عدداً ، بخلاف ما روى ، بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ، فهذا شاذ ؛ وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ ، فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكراً . وهذا ليس في الصحيح منه إلا تزر يسير . أما دعوى الانقطاع ، فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري ، لما علم من شرطه ، ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسبر أحاديثهم الموجودة عنده بالعنعنة ، فإن وجد التصريح بالسماع فيها ، اندفع الاعتراض وإلا فلا . وأما البدعة ، فالموصوف بها غما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق ، فالمكفر بها لا بد أن يكون ذلك التكفير متفقاً عليه من قواعد جميع الأئمة كما في غلاة الروافض ، من دعوى بعضهم حلول الإلهية في على أو غيره ، أو الإيمان برجوعه إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، أو غير ذلك ، وليس في الصحيح من حديث هؤلاء شيء البتة . والمفسق بها كبدع الخوارج والروافض الذين لا يغلون ذلك الغلو ، وغير هؤلاء من الطوائف المخالفين لأصول السنة خلافاً ظاهراً ، لكنه مستند إلى تأويل ظاهره سائغ . فقد اختلف أهل السنة في قبول حديث من هذا سبيله إذا كان معروفاً بالتحرز من الكذب ، مشهوراً بالسلامة من خوارم المروءة ، موصوفاً بالديانة أو العبادة ، فقيل : يقبل مطلقاً ؛ وقيل : يرد مطلقاً ، والثالث التفصيل بين أن يكون داعية لبدعته ، أو غير داعية ، فيقبل غير الداعية ، ويرد حديث الداعية ، وهذا المذهب هو الأعدل ، وصارت إليه طوائف من الأئمة . وادعى ابن حبان إجماع أهل النقل عليه ، لكن في دعوى ذلك نظر . ثم اختلف القائلون بهذا التفصيل فبعضهم أطلق ذلك ، وبعضهم زاده تفصيلاً فقال : إن اشتملت رواية غير الداعية على