@ 191 @ ما انضاف إلى ذلك من إطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين الكتابين بالصحيحين : وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح ، فهو بمثابة إطباق الجمهور على تعديل من ذكر فيهما . هذا إذا خرج له في الأصول ، فأما إن خرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق ، فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره ، مع حصول اسم الصدق لهم ، وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعناً ، فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام ، فلا يقبل إلا مبين السبب ، مفسراً بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي ، وفي ضبطه مطلقاً ، أو في ضبطه لخبر بعينه ، لأن الأسباب الحاملة للأئمة على الجرح متفاوتة ، منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح . وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح : ( ( هذا جاز القنطرة ) ) يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه . قال الشيخ أبو الفتح القشيري ، هو ابن دقيق العيد في مختصره لكتاب ابن الصلاح في مختصره : ( ( وهكذا نعتقد ، وبه نقول ، ولا نخرج عنه إلا بحجة ظاهره ، وبيان شاف ، يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين ، ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما . .
( ( قلت : فلا يقبل الطعن في أحد منهم إلا بقادح واضح ، لأن أسباب الجرح مختلفة ، ومدارها على خمسة أشياء : البدعة أو المخالفة أو الغلط أو جهالة الحال أو دعوى الانقطاع في السند بأن يدعي في الراوي أنه كان يدلس أو يرسل . فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح ، لأن شرط الصحيح أن يكون راوية معروفاً بالعدالة . فمن زعم أن أحداً منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف ، ولا شك أن المدعى لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته لما مع المثبت من زيادة العلم . ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحداً ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلاً ، كما سنبينه . وأما الغلظ فتارة يكثر من الراوي ، وتارة يقل ، فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له ، إن وحد مرويا عنده أو عند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط علم أن المعتمد أصل