@ 89 @ من المعارف العلمية على اختلاف أنواعها كما تقدمت الإشارة إلى ذلك ومن رام الوقوف على ما يحتاج إليه طالب العلم من العلوم على التفصيل والتحقيق فليرجع إلى الكتاب الذى جمعته في هذا وسميته أدب الطلب ومنتهى الأرب فهو كتاب لا يستغنى عنه طالب الحق .
على أني أقول بعد هذا أن من كان عاطلا عن العلوم الواجب عليه أن يسأل من يثق بدينه وعلمه عن نصوص الكتاب والسنة في الأمور التى تجب عليه من عبادة أو معاملة وسائر ما يحدث له فيقول لمن يسأله علمنى أصح ما ثبت في ذلك من الأدلة حتى أعمل به وليس هذا من التقليد في شئ لأنه لم يسأله عن رأيه بل عن روايته ولكنه لما كان لجهله لا يفطن الفاظ الكتاب والسنة وجب عليه أن يسأل من يفطن ذلك فهو عامل بالكتاب والسنة بواسطة المسؤل ومن أحرز ما قدمنا من العلوم عمل بها بلا واسطة في التفهيم وهذا يقال له مجتهد والعامى المعتمد على السؤال ليس بمقلد ولا مجتهد بل عامل بدليل بواسطة مجتهد يفهمه معانيه وقد كان غالب السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم الذين هم خير القرون من هذه الطبقة ولا ريب أن العلماء بالنسبة إلى غير العلماء أقل قليل .
فمن قال انه لا واسطة بين المقلد والمجتهد قلنا له قد كان غالب السلف الصالح ليسوا بمقلدين ولا مجتهدين أما كونهم ليسوا بمقلدين فلأنه لم يسمع عن أحد من مقصرى الصحابة أنه قلد عالما من علماء الصحابة المشاهير بل كان جميع المقصرين منهم يستروون علمائهم نصوص الأدلة ويعملون بها وكذلك من بعدهم من التابعين وتابعيهم ومن قال ان جميع الصحابة مجتهدون وجميع التابعين وتابعيهم فقد أعظم الفرية وجاء بما لا يقبله عارف