@ 191 @ فلم يرع الفنش اللعين إلا الرايات قد أقبلت تخفق من كل جهة وزعقات الطبول والأبواق وأصوات المجاهدين بالتكبير قد زلزلت الأرض فقال ما هذا فقيل هذا المنصور قد أقبل في جيشه وما قاتلك سائر اليوم إلا طلائعه ومقدماته فقذف الله الرعب في قلبه وخشعت نفوس جموعه وزلزلت بهم الأرض زلزالها فولوا الأدبار لا يلوون على شيء وأسعدهم يومئذ من وجد في فرسه بقية تنجيه وأتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون وأحاط بعضهم بحصن الأراك يظنون أن الفنش قد تحصن به وكان عدو الله قد دخل على باب وخرج على آخر من الناحية الأخرى واقتحم المسلمون الحصن عنوة وأضرموا النيران في أبوابه واحتووا على جميع ما كان فيه وفي محلة العدو من الأموال والذخائر وأنواع السلاح التي تفوت الحصر .
وقلا ابن خلدون كان ملوك الفرنج الذين قاتلوا المنصور يومئذ ثلاثة ابن أذفونش وابن الرند والبيبوج قال واعتصم فلهم بحصن الأرك وكانوا خمسة آلاف من زعمائهم فاستنزلهم المنصور على حكمه حتى فودي بهم عددهم من المسلمين .
وفي القرطاس أن عدد أسارى الأرك كانوا أربعة وعشرين ألفا فمن عليهم المنصور وأطلقهم قال فعز ذلك على جميع الموحدين وسائر المسلمين وعدت للمنصور سقطة من سقطات الملوك .
وقال ابن الأثير كانت الدائرة يوم الأرك أولا على المسلمين ثم عادت على الفرنج وانهزموا أقبح هزيمة وكان عدد من قتل من الفرنج أزيد من مائة ألف وغنم المسلمون منهم شيئا كثيرا فمن الخيام مائة ألف وثلاثة وأربعون ألفا ومن الخيل ستة وأربعون ألفا وقيل ثمانون ألفا ومن البغال مائة ألف ومن الحمير أربعمائة ألف .
قال في نفح الطيب جاء بها الكفار لحمل أثقالهم لأنهم لا إبل لهم قال وأما الجواهر والأموال فلا تحصى وبيع الأسير بدرهم والسيف