وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[28] الله فان ذلك القدر ليس من الدنيا. وكل من كانت معرفته أقوى وأتقن، كان حذره من نعيم الدنيا أشد ولهذا روى الله تعالى الدنيا عن نبينا صلى الله عليه وآله فكان يطوي أياما، وكان يشد الحجر على بطنه من الجوع، ولهذا سلط الله البلاء والمحن على الانبياء والاولياء ثم الامثل فالامثل كل ذلك نظرا لهم، وامتنانا عليهم، ليتوفر من الآخرة حظهم كما يمنع الوالد الشفيق ولده لذيذ الفواكه، ويلزمه ألم الفصد والحجامة شفقة عليه وحبا له، لا بخلا به عليه، وقد عرفت بهذا أن كل ما ليس لله فهو للدنيا وما هو لله فليس من الدنيا. فان قلت: فما الذي هو لله ؟ فأقول: الاشياء ثلاثة أقسام: منها ما لا يتصور أن يكون لله، وهو الذي يعبر عنه بالمعاصي والمحظورات وأنواع التنعمات في المباحات، وهي الدنيا المحضة المذمومة، فهي الدنيا صورة ومعنى. ومنها ما صورتها لله، ويمكن أن يجعل لغير الله، وهي ثلاثة: الفكر والذكر والكف عن الشهوات، فهذه الثلاث إذا جرت سرا ولم يكن عليها باعث سوى أمر الله واليوم الآخر فهي لله، وليست من الدنيا، وإن كان الغرض من النظر طلب العلم للشرف، وطلب القبول بين الخلق باظهار المعرفة، أو كان الغرض من ترك الشهوة حفظ المال أو الحمية لصحة البدن أو الاشتهار بالزهد فقد صار هذا من الدنيا بالمعنى، وإن كان يظن بصورتها أنها لله. ومنها ما صورتها لحظ النفس، ويمكن أن يجعل معناه لله، وذلك كالاكل والنكاح وكل ما لا يرتبط به بقاؤه وبقاء ولده، فان كان القصد حظ النفس فهو من الدنيا، ولن كان القصد الاستعانة على التقوى فهو لله بمعناه، وإن كان صورته صورة الدنيا، قال صلى الله عليه وآله: من طلب من الدنيا حلالا مكاثرا مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان، ومن طلبها استعفافا عن المسألة وصيانة لنفسه جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر. ________________________________________