وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[27] اللقاء والمشاهدة، وهذه السعادة تتعجل عقيب الموت إلى أن يدخل الجنة، فيصير القبر روضة من رياض الجنة. وكيف لا يكون كذلك، ولم يكن له إلا محبوب واحد، وكانت العوائق تعوقه عن الانس بدوام ذكره ومطالعة جماله، فارتفعت العوائق وأفلت من السجن وخلي بينه وبين محبوبه، فقدم عليه مسرورا آمنا من العوائق آمنا من الفرق. وكيف لا يكون محب الدنيا عند الموت معذبا ولم يكن له محبوب إلا الدنيا وقد غصب منه، وحيل بينه وبينه، وسدت عليه طرق الحيلة في الرجوع إليه، وليس الموت عدما إنما هو فراق لمحاب الدنيا، وقدوم على الله تعالى. فاذن سالك طريق الآخرة هو المواظب على أسباب هذه الصفات الثلاث، وهي الذكر والفكر والعمل الذي يحفظه من شهوات الدنيا، ويبغض إليه ملاذها ويقطعه عنها وكل ذلك لا يمكن إلا بصحة البدن، وصحة البدن لا تنال إلا بالقوت والملبس والمسكن، ويحتاج كل واحد إلى أسباب. فالقدر الذي لا بد منه من هذه الثلاثة إذا أخذه العبد من الدنيا للآخرة لم يكن من أبناء الدنيا، وكانت الدنيا في حقه مزرعة الآخرة، وإن أخذ ذلك على قصد التنعم ولحظ النفس صار من أبناء الدنيا والراغبين في حظوظها، إلا أن الرغبة في حظوظ الدنيا تنقسم إلى ما يعرض صاحبه لعذاب الله في الآخرة ويسمى ذلك حراما وإلى ما يحول بينه وبين الدرجات العلى، ويعرضه لطول الحساب، ويسمى ذلك حلالا. والبصير يعلم أن طول الموقف في عرصات القيامة لاجل المحاسبة أيضا عذاب، فمن نوقش في الحساب عذب، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلالها حساب وحرامها عقاب وقد قال أيضا: حلالها عذاب. إلا أنه عذاب أخف من عذاب الحرام بل لو لم يكن الحساب لكان ما يفوت من الدرجات العلى في الجنة، وما يرد على القلب من التحسر على تفويتها بحظوظ حقيرة خسيسة لا بقاء لها، وهو أيضا عذاب، فالدنيا قليلها وكثيرها حلالها وحرامها ملعونة إلا ما أعان على تقوى ________________________________________