وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[354] فإذا اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت اختيار العبد، ولم يبق إلا ما ليس يدخل تحت اختياره، وهو فضل الله بصرف القواطع والمفسدات. فالعبد إذا بث بذر الايمان، وسقاه بماء الطاعة، وطهر القلب عن شوك الاخلاق الردية، وانتظر من فضل الله تثبيته على ذلك إلى الموت، وحسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة، كان انتظاره رجاء حقيقيا محمودا في نفسه، باعثا له على المواظبة والقيام بمقتضى الايمان في إتمام أسباب المغفرة إلى الموت، وإن انقطع عن بذر الايمان تعهده بماء الطاعات، أو ترك القلب مشحونا برذائل الاخلاق وانهمك في طلب لذات الدنيا، ثم انتظر المغفرة فانتظاره حمق وغرور كما قال تعالى: " فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الادنى ويقولون سيغفر لنا " (1) وإنما الرجاء بعد تأكد الاسباب، ولذا قال تعالى: " إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله " (2). وأما من ينهمك فيما يكرهه الله، ولا يذم نفسه عليه، ولا يعزم على التوبة والرجوع، فرجاؤه المغفرة حمق كرجاء من بث البذر في أرض سبخة وعزم أن لا يتعهدها بسقي ولا تنقية. فإذا عرفت حقيقة الرجاء ومظنته، فقد عرفت أنها حالة أثمرها العلم بجريان أكثر الاسباب، وهذه الحالة تثمر الجهد للقيام ببقية الاسباب على حسب الامكان فان من حسن بذره، وطابت أرضه، وغزر ماؤه، صدق رجاؤه فلا يزال يحمله صدق الرجاء على تفقد الارض وتعهده، وتنقية كل حشيش ينبت فيه، ولا يفتر عن تعهده أصلا إلى وقت الحصاد، وهذا لان الرجاء يضاده اليأس، واليأس يمنع من التعهد، والخوف ليس بضد للرجاء، بل هو رفيق له وباعث آخر بطريق الرهبة، كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة انتهى. ________________________________________ (1) الاعراف: 169. (2) البقرة: 218. ________________________________________