وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[380] إلى ذلك منهم. ثم كان الاولاد لا يألفون آباءهم ولا يألف الآباء أبناءهم، لان الاولاد كانوا يستغنون عن تربية الآباء وحياطتهم، فيتفرقون عنهم حين يولدون، فلا يعرف الرجل أباه وامه، ولا يمتنع من نكاح امه واخته وذوات المحارم منه، إذ كان لا يعرفهن، وأقل ما في ذلك من القباحة، بل هو أشنع وأعظم وأفظع وأقبح وأبشع لو خرح المولود من بطن امه وهو يعقل أن يرى منها مالا يحل له ولا يحسن به أن يراه. أفلا ترى كيف أقيم كل شئ من الخلقة على غاية الصواب، وخلا من الخطاء دقيقه وجليله ؟ اعرف يا مفضل ما للاطفال في البكاء من المنفعة، واعلم أن في أدمغة الاطفال رطوبة إن بقيت فيها أحدثت عليهم أحداثا جليلة وعللا عظيمة من ذهاب البصر وغيره فالبكاء يسيل تلك الرطوبة من رؤوسهم فيعقبهم ذلك الصحة في أبدانهم والسلامة في أبصارهم. أفليس قد جاز أن يكون الطفل ينتفع بالبكاء ووالداه لا يعرفان ذلك، فهما دائبان ليسكتانه، ويتوخيان في الامور مرضاته لئلا يبكي وهما لا يعلمان أن البكاء أصلح له وأجمل عاقبة ؟ فهكذا يجوز أن يكون في كثير من الاشياء منافع لا يعرفها القائلون بالاهمال، ولو عرفوا ذلك لم يقضوا على الشئ أنه لا منفعة فيه من أجل أنهم لا يعرفونه ولا يعلمون السبب فيه، فإن كل مالا يعلمه المنكرون يعلمه العارفون وكثيرا ما يقصر عنه علم المخلوقين محيط به علم الخالق جل قدسه وعلت كلمته. فأما ما يسيل من أفواه الاطفال من الريق ففي ذلك خروج الرطوبة التي لو بقيت في أبدانهم لاحدثت عليهم الامور العظيمة، كمن تراه قد غلبت عليه الرطوبة فأخرجته إلى حد البله والجنون والتخليط إلى غير ذلك من الامراض المتلفة كالفالج واللقوة وما أشبههما، فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم، فتفضل على خلقه بما جهلوه، ونظر لهم بما لم يعرفوه، ولو عرفوا نعمه عليهم لشغلهم ذلك عن التمادي في معصيته. فسبحانه ! ما أجل نعمته وأسبغها على المستحقين وغيرهم من خلقه ! وتعالى عما يقول المبطلون علوا كبيرا. اقول: قدمر شرحه وتمامه في كتاب التوحيد. ________________________________________