وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

[379] فقال المفضل: فقلت: يا مولاي ! فقد رأيت من يبقى على حالته ولاينبت الشعر في وجهه وإن بلغ حال الكبر. فقال: ذلك بما قدمت أيديهم وأن الله ليس بظلام للعبيد، فمن هذا الذي يرصده حتى يوافيه بكل شئ من هذه المآرب إلا الذي أنشأه خلقا بعد أن لم يكن، ثم توكل له بمصلحته بعد أن كان ؟ فإن كان الاهمال يأتي بمثل هذا التدبير فقد يجب أن يكون العمد والتقدير يأتيان بالخطأ والمحال، لانهما ضد (1) الاهمال. وهذا فظيع من القول وجهل من قائلة، لان الاهمال لا يأتي بالصواب، والتضاد لا يأتي بالنظام، تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا. ولو كان المولود يولد فهما عاقلا لانكر العالم عند ولادته، ولبقي حيران تائه العقل إذا رأى ما لم يعرف وورد عليه ما لم ير مثله من اختلاف صور العالم من البهائم والطير إلى غير ذلك مما يشاهده ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم: واعتبر ذلك بأن من سبي من ولد إلى بلد وهو عاقل يكون كالواله الحيران، فلا يسرع في تعلم الكلام وقبول الادب كما يسرع الذي يسبى صغيرا غير عاقل. ثم لو ولد عاقلا كان يجد غضاضة إذا رأى نفسه محمولا مرضعا معصبا بالخرق مسجى في المهد، لانه لا يستغني عن هذا كله لرقة بدنه ورطوبته حتى يولد، ثم كان لا يوجد له من الحلاوة والوقع من القلوب ما يوجد للطفل، فصار يخرج إلى الدنيا غبيا غافلا عما فيه أهله، فيلقى الاشياء بذهن ضعيف ومعرفة ناقصة. ثم لا يزال يتزيد (2) في المعرفة قليلا قليلا و شيئا بعد شئ وحالا بعد حال حتى يألف الاشياء ويتمرن ويستمر عليها، فيخرج من حد التأمل بها والحيرة فيها إلى التصرف والاضطراب إلى المعاش بعقله وحيلته وإلى الاعتبار والطاعة والسهو والغفلة [والمعصية]. وفي هذا أيضا وجوه اخر، فإنه لو كان يولد تام العقل مستقلا بنفسه لذهب موضع حلاوة تربية الاولاد، وما قدر أن يكون للوالدين في الاشتغال بالولد من المصلحة وما يوجب التربية للآباء على الابناء من المكافأة بالبر والعطف عليهم عند حاجتهم ________________________________________ (1) ضدا الاهمال (ظ). (2) يتزايد (خ). ________________________________________