[296] أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، وأدركت ما لم يدركه أحد، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده، وقمت بدين الله حق القيام، حتى أقمت السنن، وأبرت الفتن (1) واستقام الاسلام، وانتظم الايمان، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام، بك اشتد ظهر المؤمنين، واتضحت أعلام السبل، واقيمت السنن، وما جمع لاحد مناقبك وخصالك، سبقت إلى إجابة النبي صلى الله عليه واله مقدما مؤثرا، وسارعت إلى نصرته، ووقيته بنفسك، ورميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف والحذر، قصم الله بك [كل جبار عنيد، ودل بك] كل ذي بأس شديد وهدم بك حصون أهل الشرك والكفر والعدوان والردى، وقتل بك أهل الضلال من العدى، فهنيئا لك يا أمير المؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه واله قربا وأولهم سلما، وأكثر هم علما وفهما، فهنيئا لك يا أبا الحسن، لقد شرف الله مقامك وكنت أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه واله نسبا، وأولهم إسلاما، وأوفاهم يقينا، وأشدهم قلبا، وأبذلهم لنفسه مجاهدا، وأعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرك ولا أذلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير ومغالق للشر، وإن يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير، ولو أن الناس قبلوا منك لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة. ثم بكى بكاء شديدا وأبكى كل من كان معه، وعدلوا إلى الحسن والحسين ومحمد وجعفر والعباس ويحيى وعون وعبد الله عليهم السلام فعزوهم في أبيهم صلوات الله عليه، وانصرف الناس، ورجع أولاد أمير المؤمنين عليه السلام وشيعتهم إلى الكوفة، ولم يشعر بهم أحد من الناس، فلما طلع الصباح وبزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أمير المؤمنين عليه السلام وأتوا به إلى المصلى بظاهر الكوفة، ثم تقدم الحسن عليه السلام وصلى عليه، ورفعه على ناقة وسيرها مع بعض العبيد. قال الراوي: فلما كان الغداة اجتمعوا لاجل قتل الملعون، قال أبو مخنف: ________________________________________ (1) أبره: أصلحه. ________________________________________