[ 75 ] كاختلافهم في الفور والتراخي. والمختار هنا كالمختار هناك، والدليل نفس الدليل من عدم دلالة الصيغة لا بهيئتها ولا بمادتها على المرة ولا التكرار، لما عرفت من أنها لا تدل على أكثر من طلب نفس الطبيعة من حيث هي. فلا بد من دال آخر على كل منهما. أما الاطلاق فانه يقتضي الاكتفاء بالمرة. وتفصيل ذلك: ان مطلوب المولى لا يخلو من أحد وجوه ثلاثة (ويختلف الحكم فيها من ناحية جواز الاكتفاء وجواز التكرار): 1 - أن يكون المطلوب صرف وجود الشئ بلا قيد ولا شرط، بمعنى انه يريد ألا يبقى مطلوبه معدوما، بل يخرج من ظلمة العدم إلى نور الوجود لا أكثر، ولو بفرد واحد. ولا محالة - حينئذ - ينطبق المطلوب قهرا على أول وجوداته، فلو أتى المكلف بما أمر به أكثر من مرة فالامتثال يكون بالوجود الاول، ويكون الثاني لغوا محضا، كالصلاة اليومية. 2 - أن يكون المطلوب الوجود الواحد بقيد الوحدة، أي بشرط ألا يزيد على أول وجوداته فلو أتى المكلف حينئذ بالمأمور به مرتين لا يحصل الامتثال أصلا، كتكبيرة الاحرام للصلاة فان الاتيان بالثانية عقيب الاولى مبطل للاولى وهي تقع باطلة. 3 - أن يكون المطلوب الوجود المتكرر، اما بشرط تكرره فيكون المطلوب هو المجموع بما هو مجموع، فلا يحصل الامتثال بالمرة أصلا كركعات الصلا ة الواحدة، واما لا بشرط تكرره بمعنى انه يكون المطلوب كل واحد من الوجودات كصوم أيام شهر رمضان، فلكل مرة امتثالها الخاص. ولاشك أن الوجهين الاخيرين يحتاجان إلى بيان زائد على مفاد الصيغة. فلو اطلق المولى ولم يقيد بأحد الوجهين - وهو في مقام البيان - كان اطلاقه دليلا على ارادة الوجه الاول. وعليه يحصل الامتثال - كما قلنا - بالوجود الاول ولكن لا يضر الوجود الثاني، كما انه لا أثر له في الامتثال وغرض المولى. ومما ذكرنا يتضح أن مقتضى الاطلاق جواز الاتيان بأفراد كثيرة معا دفعة ________________________________________