[ 74 ] (الثانية) - قوله تعالى في سورة البقرة 143 والمائدة 53: (فاستبقوا الخيرات) فان الاستباق بالخيرات عبارة أخرى عن الاتيان بها فورا. و (الجواب) عن الاستدلال بكلتا الآيتين: ان الخيرات وسبب المغفرة كما تصدق على الواجبات تصدق على المستحبات أيضا، فتكون المسارعة والمسابقة شاملتين لما هما في المستحبات أيضا. ومن البديهي عدم وجوب المسارعة فيها، كيف وهي يجوز تركها رأسا. وإذا كانتا شاملتين للمستحبات بعمومهما كان ذلك قرينة على ان طلب المسارعة ليس على نحو الالزام. فلا تبقى لهما دلالة على الفورية في عموم الواجبات. بل لو سلمنا باختصاصهما في الواجبات لوجب صرف ظهور صيغة افعل فيها في الوجوب وحملها على الاستحباب، نظرا إلى انا نعلم عدم وجوب الفورية في اكثر الواجبات، فيلزم تخصيص الاكثر باخراج أكثر الواجبات عن عمومها. ولاشك أن الاتيان بالكلام عاما مع تخصيص الاكثر واخراجه من العموم بعد ذلك قبيح في المحاورات العرفية ويعد الكلام عند العرف مستهجنا. فهل ترى يصح لعارف بأساليب الكلام ان يقول مثلا: (بعت اموالي)، ثم يستثني واحدا فواحدا حتى لا يبقى تحت العام إلا القليل ؟ لا شك في أن هذا الكلام يعد مستهجنا لا يصدر عن حكيم عارف. اذن، لا يبقى مناص من حمل الآيتين على الاستحباب. 8 - المرة والتكرار * واختلفوا أيضا في دلالة صيغة افعل على المرة والتكرار على أقوال، ________________________________________ (*) المرة والتكرار لهما معنيان: (الاول): الدفعة والدفعات، (الثاني): الفرد والافراد. والظاهر أن المراد منهما في محل النزاع هو المعنى الاول. والفرق بينهما أن الدفعة قد تتحقق بفرد واحد من الطبيعة المطلوبة، وقد تتحقق بأفراد متعددة إذا جئ بها في زمان واحد. فلذلك تكون الدفعة أعم من الفرد مطلقا، كما أن الافراد أعم مطلقا من الدفعات، لان الافراد - كما قلنا - قد تحصل دفعة واحدة وقد تحصل بدفعات. ________________________________________