[ 66 ] القربة إلى الله تعالى، على ما ستأتي الاشارة إليها. وتسمى هذه الواجبات (العباديات) أو (التعبديات) كالصلاة والصوم ونحوها. وهناك واجبات أخرى تسمى (التوصليات) وهي التي تسقط أوامرها بمجرد وجودها وان لم يقصد بها القربة، كانقاذ الغريق وأداء الدين ودفن الميت وتطهير الثوب والبدن للصلاة، ونحو ذلك. وللتعبدي والتوصلي تعريف آخر كان مشهورا عند القدماء. وهو أن التوصلي: (ماكان الداعي للامر به معلوما) وفي قباله التعبدي وهو: (ما لم يعلم الغرض منه). وانما سمي تعبديا لان الغرض الداعي للمأمور ليس الا التعبد بأمر المولى فقط. ولكن التعريف غير صحيح الا إذا أريد به اصطلاح ثان للتعبدي والتوصلي، فيراد بالتعبد التسليم لله تعالى فيما أمر به وان كان المأمور به توصليا بالمعنى الاول، كما يقولون مثلا: (نعمل هذا تعبدا) ويقولون: (نعمل هذا من باب التعبد) أي نعمل هذا من باب التسليم لامر الله وان لم نعلم المصلحة فيه. وعلى ما تقدم من بيان معنى التوصلي والتعبدي - المصطلح الاول - فان علم حال واجب بأنه تعبدي أو توصلي فلا اشكال، وان شك في ذلك فهل الاصل كونه تعبديا أو توصليا ؟ فيه خلاف بين الاصوليين. وينبغي لتوضيح ذلك وبيان المختار تقديم أمور: (1) منشأ الخلاف وتحريره ان منشأ الخلاف هنا هو الخلاف في امكان اخذ قصد القربة في متعلق الامر - كالصلاة مثلا - قيدا له على نحو الجزء أو الشرط، على وجه يكون المأمور به المتعلق للآمر هو الصلاة المأتي بها بقصد القربة، بهذا القيد، كقيد الطهارة فيها إذ يكون المأمور به الصلاة عن طهارة المجردة عن هذا القيد من حيث هي هي. فمن قال بامكان أخذ هذا القيد - وهو قصد القربة - كان مقتضى الاصل عنده التوصلية، الا إذا دل دليل خاص على التعبدية، كسائر القيود الاخرى، ________________________________________